قصد رسول اللّه من تحرير الكتاب ، لا شك انه اراد توكيد أمر الخلافة و توثيقها لعلي بن ابيطالب ، و لقد عرف عمر قصد النبي ، فطعنه بتلك الطعنة ، و قال : ان الرجل ليهجر .
فان المريض اذا اشتد به المرض يتكلم كلاما لا عن شعور ، فيقال لكلامه :
( هذيان ) أو الهجر ، فهذا عمر ينادي : حسبنا كتاب اللّه ، كانه يعرف شيئا من القرآن ، و يحفظ شيئا منه ، او ليس في القرآن : و ما ينطق عن الهوى ، ان هو إلا وحي يوحى .
هل تعرف يا صاحبي معنى لكلمة ( ينطق ، سوى يتكلم و يقول ؟ أ ليس قول النبي : ( ايتوني بدوات و بياض ) نطق و قول و كلام ؟
ثم هل كان يقدر رسول اللّه ، و يتمكن من املاء الكتاب و كتابته بعد قول عمر ؟ و هل كان ينفع الكتاب إذا كان النبي لم يبال بقول عمر ؟ بعد تلك الضربة القاسية ؟ و هل كان يعظم على عمر بن الخطاب ان يرد على ما في الكتاب ، بعد ما رد كتاب رسول اللّه حول فدك ، و هل يستحي من هذه الأمور من قال :
بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة . ثم جاء و فعل تلك الأفاعيل قام الناس و انصرفوا و بعد مدة قليلة توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ،
فانا للّه و إنا اليه راجعون ، و ارتفعت الأصوات بالبكاء و العويل ، و ارتجت المدينة من الصراخ و الصياح فلا ترى يومئذ إلا باكيا أو باكية ، و ازدحموا على باب دار رسول اللّه و الباب مغلق و علي مشغول بتغسيل رسول اللّه .
فلنقطع شريط الكلام من هنا ، و نلتقي بك يا صاحبي في السقيفة لننظر ما هناك ، و لنشرع في الخطبة الشقشقية .
القسم الاول
المتن
أما و اللّه لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، و إنه ليعلم أن محلّي