responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 148

الأحزاب، سواء أريد بالقلوب معناها المتبادر أو الأرواح.

فإن جعلنا الآيتين الأولى و الثالثة قرينتين عامتين لجميع الموارد المستعملة فيها القلب فهو، و إلّا فيبقى معناه مجهولا في محدودة تفسير الآيات الكريمة، إلّا أن يدّعى تبادره إلى العضو المشهور و أنّ الروح أو العقل معنى مجازي لا يحمل عليه لفظ القلب إلّا مع القرينة، فتأمل.

و جعل بعض المفسّرين قوله تعالى: وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‌[1]. من الشواهد على إرادة النفس و الروح من القلب؛ فإنّ التعقل و التفكّر و الحبّ و البغض و الخوف و أمثال ذلك و إن أمكن أن ينسبها أحد إلى القلب، باعتقاد أنّه العضو المدرك في البدن على ما ربما يعتقده العامة كما ينسب السمع إلى الإذن و الإبصار إلى العين و الذوق إلى اللسان، لكن الكسب و الاكتساب ممّا لا ينسب إلّا إلى الإنسان البتة[2].

أقول: الكسب المستتبع للمؤاخذة قد يكون بأعمال جوارحية و قد يكون بأفعال أو صفات قلبية، كما يظهر مما ذكرناه في أوّل هذا البحث، فما ذكره هذا القائل لا يعتمد عليه.

ثمّ إنّ المنقول عن ابن سينا أنّه رجّح كون الإدراك للقلب، بمعنى أنّ دخالة الدماغ فيه دخالة الآلة، فللقلب الإدراك و للدماغ الوساطة[3].

أقول: و ضعفه ظاهر، و كم للفلاسفة تخرّصات بالغيب و حدسيات باطلة و تحكّمات بغير حقّ فهمناها من العلم الحديث المبنيّ على الحسّ، نعم، هو حق إن بدّلنا القلب بالروح.

و المقام عندي من المشكلات، و لا يهتدي فكري القاصر إلى فهم مراده تعالى من القلب، فادعوه متضرّعا و راجيا، ربّ زدني علما و ما كنّا لنهتدي لو لا أن تهدينا.

و لبّ التحيّر أنّ نسبة الذوق و الشمّ و السمع و البصر و اللمس إلى الأعضاء الخمسة ظاهرة؛ لأنّها محالّ هذه الإدراكات و إن لم تكن مدركاتها، و لكن نسبة الأمور المتقدّمة في أوّل هذا البحث إلى القلب العضلي غير صحيحة، إلّا إذا وجد بينه و بين الروح رابطة مصححة لنسبة أفعالها و صفاتها إليه، و هذه الرابطة لم تثبتها العلوم التجريبية و لا البراهين العقلية لحدّ الآن،


[1] . البقرة آية 225.

[2] . تفسير الميزان ج 2 ص 224 و لمؤلفه رحمه اللّه بيان في معنى القلب في القرآن، لم نر فيه شيئا مفيدا و من شاء فليراجعه.

و اعلم أنّ نسبة السمع إلى الأذن و البصر إلى العين و الذوق إلى اللسان مثلا نسبة صحيحة و إن كان المدرك هو الروح على ما هو الحقّ؛ لعلاقة شبه الحال و المحلّ، و أمّا نسبة الإدراك إلى القلب كنسبته إلى اليد مثلا غير صحيحة، بعد ما كشفت العلوم بطلان ما تزعمه العامة من كون القلب مدركا فاهما.

[3] . نفس المصدر ص 225.

اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست