اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 119
الحقيبة الوراثية عبارة عن 46
صبغ موجودين بين 23 من الاب و 23 من الأمّ، هذه الصبغيات تحمل مورثات، هذه
المورثات سواء كانت تتحكّم في الصفات الطبيعية أم الصفات المرضية عددها كبير جدّا
يقدّر بحوالي 2 مليون مورث لغاية الآن، نحن الآن لم نعرف تقريبا أكثر من (4340)
مورث بعضها يقيني و بعضها ليس بيقيني ... ربما يكون الأب سليما من مرض ثمّ يبتلى
ابنه به؛ لوجود الصفات الوراثية في نواة الخلية[1]».
انتهى كلامه بتغيير.
أقول:
هذا البحث- من ناحية علمية- طويل عريض عميق جدّا، و يقال: إنّ العلم قادر على
إيجاد لون خاصّ لشعر المولود و كيفية وجهه، الى غير ذلك من الإنجازات المحيّرة
للعقول العامية، و تحقيق هذه المسائل و أحكامه الفقهية ربّما يحتاج إلى تأليف مستقل،
و كلّ ميسّر لما خلق لأجله.
و
حيث لا سبيل لي إلى جزئيات هذه المسألة و إلى عشر من أعشارها نقتصر على ذكر بعض
الأحكام الشرعية حسب ما أدّى إليه نظري، و اللّه العاصم و الهادي:
التغيير
في جنين الإنسان أو نطفته ربّما يكون على نحو نعلم بعدم رضا هذا الإنسان بعد
ولادته و إدراكه و بلوغه بل يتنفّر منه و يتأذّى، بل يكون له ضرريا، و هذا غير
مباح حتّى إذا طلبه الزوجان؛ إذ لا ولاية لهما على أولادهما بهذه السعة و الإطلاق،
و قد لا نعلم بذلك أو نعلم رضاه به، و هو على أقسام:
القسم
الأوّل: إنّ التغيير قد ينجرّ إلى ما يستلزم إفراطه في الشهوة الجنسية أكثر ممّا
هو عليه الآن أو تمايله الشديد في القتل و التعدّي.
و
بالجملة: يصل الإنسان بوسيلة العملية الطبّية و البيولوجية و الكيمياوية إلى حدّ
تقوى غرائزه الحيوانية بحيث تضعف به قواه العقلانية و يختلّ به النظام الاجتماعي و
السلوك الأخلاقي و الاقتضاء الروحاني، و هذا حرام غير جائز بلا شبهة و مخالف لهدف
خلقة الإنسان.
و
قد لا يستلزم ذلك بل إلى حدّ ما من الشرور، و في جوازه نظر و بحث.
القسم
الثاني: قد ينجرّ إلى ما يرغبه في الطاعات و الخيرات بحيث يسلب إرادته للشرور و
المعاصي، و الظاهر عدم جوازه؛ لأن الطاعة المقبولة المطلوبة من الإنسان ما صدر عنه
باختياره: وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ[2].