اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 122
و كان ذلك في سنة سبع من البعثة على أشهر الرّوايات، و قيل ستّ.
و أمر أبوطالب بني هاشم أن يدخلوا برسول الله (ص) الشّعب الّذي عُرّف بشعب أبي طالب و معهم بنو المطّلب بن عبد مناف باستثناء أبي لهب لعنه الله و أخزاه.[1]
و استمرّوا فيها إلى السنّة العاشرة، و وصغت قريش عليهم الرّقباء حتّى لا يأتيهم أحدٌ بالطّعام، و كانوا ينفقون من أموال خديجة و أبي طالب، حتّى نفدت، حتّى اضطرّوا إلى أن يقتاتوا[2] بورق الشّجر.
و كان صِبيَتُهم يتضاغون جوعاً،[3] و يسمعهم المشركون من وراء الشّعب، و يتذاكرون ذلك فيما بينهم، فبعضهم يفرح، و بعضهم يتذمّم[4] من ذلك.
و لم يكونوا يجسرون على الخروج من الشّعب إلّا في موسم العمرة في رجب، و موسم الحجّ في ذي الحجّة، فكانوا يشترون حينئذٍو يبيعون ضمن ظروف صعبة جدّاً، حيث أنّ المشركين كانوا يلتقون بكلّ من يقدم مكّة أوّلًا، و يطمعونه بمبالغ خياليّة ثمناً لسلعته، بشرط أن لا يبيعها للمسلمين.
و كان أبو لهب هو رائدهم في ذلك، فكان يوصي التّجّار بالمغالاة عليهم، حتّى لا يدركوا معهم شيئاً، و يضمن لهم، و يعوّضهم من ماله كلّ زيادة تبذل لهم؛ بل لقد كان المشركون يتهدّدون كلّ من يبيع المسليمن شيئاً بنهب أمواله، و يحذّرون كلّ قادم إلى مكّة من التّعامل معهم، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله (ص).[5]
[1] 1. و قيل: إنّ أبا سفيان بن حارث أيضا لم يدخل الشّعب معهم، و لكنّه قول نادر، و الأكثر على الاقتصار على أبي لهب لعنه الله