إذن، فمن يمنع الماعون فهو ليس فقط لا يملك عواطف أو مشاعر إنسانية، و إنما لا يخجل حتى مما يخجل منه الناس، و يرون ضرورة بذله، لأنه مما تقتضيه طبيعة الحياة، و منعه يوجب نوعا من الخلل في حياة الناس، لا سيما إذا رافق ذلك شعور بخيبة الأمل، و انسياق إلى حالة من اللامبالاة بحاجات الآخرين؛ إن لم يصل بهم الأمر إلى محاولة استغلال حاجتهم بطريقة بعيدة عن الشعور النبيل.
و قد رأينا أن القرآن الكريم قد أولى بعض الأمور أهمية كبيرة، مع أننا كنا نحسب أنها عادية جدا، فعلى سبيل المثال نجد أنه سبحانه حين أعلن ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام، لم يتحدث عن علم علي عليه السّلام و لا عن شجاعته، و لا عن عصمته، و لا عن أي من كراماته الكبرى، و مقاماته الكثيرة، بل قال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ[1] و ذلك حين دخل مسكين إلى المسجد، و طلب الصدقة من الناس، فلم يعطه أحد فكان