و بعد، فإنك إنما تنشد إلى محبوبك، لأنك تعرفه، و تعرف مزاياه، و تجد فيه ما يشدك إليه إما غريزيا أو عاطفيا، أو عقلانيا، و غير ذلك.
و المرائي لا يرى للآخرة دورا في هذه الحياة، أو لا يجد لدورها قيمة تستحق أن يسعى إليها. فينتهي به الأمر إلى التكذيب بالآخرة، أو إلى الاستهتار بها، و بالقيم التي تشد و تدفع إليها.
و حتى لو كانت لديه درجة من القناعة بالآخرة في مرحلة التعقل، فإن ذلك لن يكون له تأثيره في مجال الفعل و الممارسة، لأن الإيمان شيء و أن يستسلم العقل للدليل شيء آخر. و قد قال تعالى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ[1].