و لو أنه عبر بإطعام لم يدل ذلك على أن الطعام له، فلعل الطعام للناس، و نحن نطلب منهم أن يبذلوه له، على سبيل الهدية أو الصدقة الحسنة منهم، انطلاقا من كرم أخلاقهم!!.
و إذا كان هذا الطعام ملكا للمسكين، فلا يحق لأحد أن يمتن به عليه، و لا حتى أن ينتظر منه الجزاء، أو الشكر عليه، فهل يصح الامتنان على الإنسان بما هوله؟!
و بعد ما تقدم نقول:
أي قلب قاس، هذا الذي لدى إنسان ليس على استعداد حتى لأن يحض غيره على طعام هو ملك و حق للمسكين نفسه، أي على أن يبذلوه له. و لعله لم يورد كلمة" بذل" و أوقع الحث على الطعام مباشرة من أجل الإشارة إلى لزوم التسريع في البذل و الإيصال المباشر إليه لمسيس حاجته إلى هذا الطعام. فلا مجال للتأخير، و لا لأن يفصله عنه زمان حتى و لو زمان تلفظ بكلمة واحدة هي كلمة" بذل". و لذلك قال: و لا يحض على طعام و لم يقل على بذل طعام.