اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 570
الدليل الثاني:
الوجه الثاني ممّا تمسّك به القائل بأنّ الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه:
انّ وجود كلّ شيء مستلزم لترك ضده، و المتلازمان لا يمكن اختلافهما في الحكم، فاذا كان أحد الضدين واجبا فلا بدّ من أن يكون ترك الآخر ايضا واجبا، و الّا لزم اختلاف المتلازمين في الحكم، و لا فرق في ذلك بين الضدين الّذين لا ثالث لهما، كالحركة و السكون، و الضدين الّذين لهما ثالث، كالقيام و القعود.
غاية الامر أنّه على الفرض الاوّل كان الاستلزام من الطرفين، فكما أنّ وجود كلّ منهما مستلزم لعدم الآخر كذلك عدم كلّ منهما يستلزم وجود الآخر، بخلاف الفرض الثاني، اذ فيه كان وجود كلّ منهما مستلزما لعدم الآخر، و أمّا عدم كلّ منهما فلا يستلزم وجود الآخر لامكان انتفائهما معا، و ذلك لانّ ملاك دلالة الامر بالشيء على النهي عن ضدّه هو استلزام وجود هذا الشيء لعدم ضدّه، و هو أمر يشترك فيه الفرضان، و أمّا استلزام عدم الشيء لوجود ضدّه فهو و ان كان مختصّا بالفرض الاوّل، الّا أنّه أجنبي عمّا هو ملاك دلالة الامر بالشيء على النهي عن ضده[1].
و هذا الوجه أوضح فسادا من الوجه الاوّل، اذ لم يدلّ دليل على لزوم اتّحاد المتلازمين في الحكم، غاية الامر عدم صحّة اختلافهما في الحكم بحيث لا يمكن امتثالهما، كما اذا كان الملزوم واجبا و اللازم حراما، لكون ذلك مستلزما للتكليف بما لا يطاق.