اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 284
لم يسند الى اللّه الّذي أعطى الوجود و القدرة و العقل له، و
لمن أعطاه المصارف و هيّأ له المقدمات المتعارفة، بل الاسناد اليه تعالى أولى من
الاسناد الى نفس الحاج، و من أعطى له المصارف.
هذا في الطاعة، و أمّا
العصيان فالامر فيه على عكس الطاعة، و كان اسناده الى العبد أولى، فانّه من أعطى
لاحد مصارف السفر الى المكّة المكرّمة و هيّأ له جميع المقدّمات المتعارفة للحج،
فسافر هذا الشخص الى لندن مثلا و صرف مصارف الحج في الامور القبيحة، نعوذ باللّه
تعالى، لا يستند السفر الى لندن و ما فعله هناك من القبائح الى الّذي أعطاه
المصارف، بل يستند الى نفسه.
فكذا الحال في العصيان
الصادر من العبد، فانّ اللّه سبحانه أعطاه الوجود و القدرة و العقل و سائر
المقدمات ليصرفها في الطاعة، فلو صرفها العبد في المعصية كان اسنادها اليه لا الى
اللّه تعالى، و هذا المعنى هو المراد في الحديث القدسي من قوله تعالى: «يا بن آدم
بمشيتي كنت أنت الّذي تشاء، فأنت أولى بسيّئاتك منّي و أنا أولى بحسناتك منك»[1].
[1]- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه
السّلام: قال اللّه:« يا بن آدم بمشيّتي كنت أنت الّذي تشاء لنفسك ما تشاء، و
بقوّتي أدّيت فرائضي، و بنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويّا، ما
أصابك من حسنة فمن اللّه، و ما أصابك من سيّئة فمن نفسك، و ذاك أنّي أولى بحسناتك
منك، و أنت أولى بسيّئاتك منّي، و ذاك أنّني لا اسأل عمّا أفعل و هم يسألون»-
الكافي 1: 152.
عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:« سألته
فقلت: اللّه فوّض الامر الى العباد؟
قال: اللّه أعزّ من ذلك، قلت: فجبّرهم على المعاصي؟ قال:
اللّه أعدل و أحكم من ذلك، قال:
ثمّ قال: قال اللّه: يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، و أنت
أولى بسيئاتك منّي، عملت المعاصي بقوّتي الّتي جعلتها فيك»- الكافي 1: 157.
اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 284