اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 283
فالمتعيّن هو الاخذ بهذه الروايات الدالّة على أنّ ارادته
تعالى هي مشيّته و اعمال قدرته، و هي فعله فقط، و أمّا الارادة الذاتية و قد يعبّر
عنها بالارادة الازليّة الّتي هي الاساس لمذهب الجبر و ما يرجع اليه من أنّ أفعال
العباد منتهية اليها ممّا لا حقيقة له.
2- في صحة اسناد
الافعال الى اللّه سبحانه و الى العبد
قد ذكرنا أنّ الفعل
الصادر من العبد صحّ اسناده الى اللّه سبحانه و تعالى من جهة، و الى العبد من جهة،
أمّا اسناده الى العبد فلكونه صادرا منه بالارادة و الاختيار، بلا جبر و اضطرار، و
أمّا اسناده الى اللّه تعالى فلكونه سبحانه هو الّذي أعطاه الوجود و أفاض عليه
القدرة على العمل و سائر المقدّمات الى اتمامه، على ما تقدّم بيانه، بلا فرق بين
أن يكون الفعل طاعة أو معصية.
هذا بالنظر الدقيق
العقلي، و أمّا بالنظر العرفي فليس الامر كذلك، بل يكون اسناد الطاعة اليه أولى من
اسنادها الى العبد، و اسناد المعصية الى العبد أولى من اسنادها اليه تعالى، و الشاهد
هو مراجعة العرف.
فانّه من أعطى لاحد تمام
مصارف السفر الى المكّة المكرمة و هيّأ له المقدّمات المتعارفة بأجمعها، فسافر هذا
الشخص الى المكّة المكرّمة و أتمّ الحج و رجع، يقال في العرف: انّ هذا الحج قد صدر
من هذا الّذي أعطاه المصارف و هيّأ له جميع المقدّمات، بل يعترف بهذا نفس الحاج، و
يقول: انّ هذا الحج انّما صدر عن مساعيك الجميلة، و لولاها لما تمكّنت منه، فاذا
كان الامر كذلك في اعطاء المقدّمات المتعارفة فكيف
______________________________
-
لا يروّي و لا يهمّ و لا يتفكّر، و هذه الصفات منفيّة عنه، و هي صفات الخلق،
فارادة اللّه الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن فيكون، بلا لفظ و لا نطق بلسان، و لا
همّة و لا تفكّر، و لا كيف لذلك، كما أنّه لا كيف له»- الكافي 1: 109.
اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 283