اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 282
و ان شئت قلت: انّه لو كانت له تعالى ارادتان، احداهما ذاتية
و الاخرى فعلية، لأشارت الروايات اليهما لا محالة، مع أنّ الروايات تنفي الارادة
الذاتية صريحا، و تقول: من زعم أنّ اللّه لم يزل مريدا فليس بموحّد.
و بالجملة الارادة منه
تعالى عبارة عن المشيّة الّتي هي فعل من أفعاله سبحانه، فيوجد الافعال باعمال
القدرة و يوجد اعمال القدرة بنفسه، و هذا المعنى هو المراد في صحيحة عمر بن أذينة،
من قوله عليه السّلام: «خلق اللّه المشية بنفسها، ثمّ خلق الاشياء بالمشية»[1]، و قرء بعض
الفلاسفة، و أظنّ أنّه الميرداماد المشية بالرفع مع حذف لفظ خلق، أي المشية ثابتة
بنفسها، مع أنّ الموجود في الرواية ذكر لفظ خلق قبل المشية و تكراره بعدها، فراجع.
فتحصّل أنّ ارادته تعالى
لا تكون من صفاته الذاتية بل من صفاته الفعلية، و قد عبّر عنها في الروايات تارة
بالمشية، كما في صحيحة محمد بن مسلم[2]، و كما في
صحيحة عمر بن أذينة الّتي تقدّمت الاشارة اليها، و اخرى بالاحداث، و ثالثة بالفعل،
كما في صحيحة صفوان بن يحيى[3].
[1]- علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن
أذينة، عن ابي عبد الله عليه السّلام قال:« خلق اللّه المشية بنفسها، ثمّ خلق
الاشياء بالمشية»- الكافي 1: 110.
[2]- عن ابن ابي عمير، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم، عن ابي
عبد اللّه عليه السّلام قال:
« المشية محدثة»- الكافي 1: 110.
[3]- عن أحمد بن ادريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن
يحيي قال: قلت لابي الحسن عليه السّلام: أخبرني عن الارادة من اللّه و من الخلق؟ قال:
فقال عليه السّلام:« الارادة من الخلق الضمير و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، و
أمّا من اللّه تعالى فارادته احداثه لا غير ذلك، لانّه-- لا يروّي و لا يهمّ و لا
يتفكّر، و هذه الصفات منفيّة عنه، و هي صفات الخلق، فارادة اللّه الفعل لا غير
ذلك، يقول له: كن فيكون، بلا لفظ و لا نطق بلسان، و لا همّة و لا تفكّر، و لا كيف
لذلك، كما أنّه لا كيف له»- الكافي 1: 109.
اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 282