اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 2 صفحة : 545
الثاني: أنّ المقبولة دلت على وجوب الأخذ بما يقوله أورع الحكمين و أصدقهما في الحديث، و من الظاهر أنّ الترجيح بهما يختص بباب القضاء.
و مما ذكرناه يظهر الحال في الاستدلال بما روي عن مولانا أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة و السلام) في عهده الطويل إلى مالك الأشتر من قوله (عليه السلام): «اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك»[1] و نهيه (عليه السلام) عن إيكال القضاء إلى أحد مع وجود الأفضل منه في البلد، فانّ مورده الحكم لا الافتاء كما هو ظاهر، و لا سيّما مع ملاحظة أنّ الافتاء موكول إلى أفضل الجميع كما تقدّم، لا إلى أفضل الرعية و أهل البلد. و كذا الحال في الاستدلال بالروايات[2] الدالة على ذم من يحكم مع العلم بوجود من هو أعلم منه، فانّها أيضاً واردة في الحكومة دون الفتوى.
و منها: أنّ فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى غيره، فيجب الأخذ به.
و فيه: منع الصغرى و الكبرى. أمّا الصغرى: فلمنع كون فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى غيره دائماً، بل ربّما تكون فتوى غيره أقرب إلى الواقع من فتوى الأعلم، كما إذا كان فتوى غير الأعلم مطابقاً للمشهور، أو مطابقاً لفتوى ميت كان أعلم من الأفضل الحي. و أمّا الكبرى: فلأنّه لم يدل دليل على تعين الأخذ بما هو أقرب، إذ ليس مناط الحجية هو الأقربية، و لذا لو وقع التعارض بين البينتين و كانت إحداهما أقرب إلى الواقع من الاخرى، لا يمكن القول بوجوب الأخذ بالأقرب و طرح الاخرى.