اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 530
للعذر في مقام الامتثال و مبرئ للذمّة بحسب مقام الظاهر يقيناً، و أمّا الطرف الآخر المحتمل كونه حجّة على نحو التخيير، فهو محكوم بعدم الحجّية عقلًا و شرعاً، لما عرفت في أوّل بحث حجّية الظن[1] من أنّ الشك في الحجّية بحسب مقام الجعل مساوق للقطع بعدم الحجّية الفعلية، فكل ما شكّ في حجّيته لشبهة حكمية أو موضوعية لا يصحّ الاعتماد عليه في مقام العمل، و لا يصح إسناد مؤداه إلى المولى في مقام الافتاء، فتكون النتيجة هي الحكم بالتعيين.
[3- دوران الأمر بين التعيين و التخيير في مقام الامتثال]
و أمّا القسم الثالث: و هو ما إذا دار الأمر بين التعيين و التخيير في مقام الامتثال لأجل التزاحم، فالحق فيه أيضاً هو الحكم بالتعيين، و تحقيق ذلك يستدعي ذكر أمرين:
الأوّل: أنّ التزاحم في مقام الامتثال يوجب سقوط أحد التكليفين عن الفعلية لعجز المكلف عن امتثالهما، و يبقى الملاكان في كلا الحكمين على حالهما، إذ المفروض أنّ عجز المكلف هو الذي أوجب رفع اليد عن أحد الحكمين في ظرف امتثال الآخر، و إلّا كان الواجب عليه امتثالهما معاً لتمامية الملاك فيهما.
الثاني: أنّ تفويت الملاك الملزم بعد إحرازه بمنزلة مخالفة التكليف الواصل في القبح و استحقاق العقاب بحكم العقل، و لا يرتفع قبحه إلّا بعجز المكلف تكويناً أو تشريعاً، كما إذا أمره المولى بما لا يجتمع معه في الخارج، فما لم يتحقق أحد الأمرين يحكم العقل بقبح التفويت و استحقاق العقاب عليه.
إذا عرفت هذين الأمرين فنقول: إذا كان أحد الواجبين المتزاحمين معلوم الأهمّية فلا محالة يكون التكليف الفعلي متعلقاً به بحكم العقل، و الملاك في الطرف الآخر و إن كان ملزماً في نفسه، إلّا أنّ تفويته مستند إلى عجزه تشريعاً، لأنّ