اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 324
الاستدلال بها للمقام، و ذكر كل منهما وجهاً لذلك غير ما ذكره الآخر. أمّا صاحب الكفاية (قدس سره)[1] فذكر أنّه يحتمل أن يكون المراد من الورود الذي جعل غاية للاطلاق هو صدور الحكم من المولى و جعله، لا وصوله إلى المكلف، فيكون مفاد الرواية أنّ كل شيء لم يصدر فيه نهي و لم تجعل فيه الحرمة فهو مطلق. و هذا خارج عن محل الكلام، فانّ الكلام فيما إذا شكّ في صدور النهي من المولى و عدمه، فيكون التمسك فيه بالرواية من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
و فيه: أنّ الورود و إن صحّ استعماله في الصدور، إلّا أنّ المراد به في الرواية هو الوصول، إذ على تقدير أن يكون المراد منه الصدور لا مناص من أن يكون المراد من الاطلاق في قوله (عليه السلام): «كل شيء مطلق» هو الاباحة الواقعية، فيكون المعنى أنّ كل شيء مباح واقعاً ما لم يصدر النهي عنه من المولى، و لا يصح أن يكون المراد من الاطلاق هي الاباحة الظاهرية، إذ لا يصح جعل صدور النهي من الشارع غايةً للاباحة الظاهرية، فانّ موضوع الحكم الظاهري هو الشك و عدم وصول الحكم الواقعي إلى المكلف، فلا تكون الاباحة الظاهرية مرتفعة بمجرد صدور النهي من الشارع و لو مع عدم الوصول إلى المكلف، بل هي مرتفعة بوصوله إلى المكلف، فلا مناص من أن يكون المراد هي الاباحة الواقعية، و حينئذٍ فامّا أن يراد من الاطلاق الاباحة في جميع الأزمنة أو الاباحة في خصوص عصر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لا سبيل إلى الأوّل، إذ مفاد الرواية على هذا أنّ كل شيء مباح واقعاً حتّى يصدر النهي عنه من الشارع. و هذا المعنى من الوضوح بمكان كان بيانه لغواً لا يصدر من الإمام (عليه السلام) فانّه من جعل أحد الضدّين غايةً للآخر، و يكون من قبيل أن