ما لا يعلمون» و قوله عليه السلام «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه» [1] و قوله عليه السلام «كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم أنّه قذر» و غير ذلك من أدلّة الأصول، فانّ كلّ واحد من الأطراف ممّا يشك في بقاء الحالة السابقة فيه أو ممّا لا يعلم أو لا يعرف أنّه حرام أو طاهر فتشملها أدلّتها. فإذا لم يكن في مقام الثبوت مانع عن الجعل بأن كانت رتبتها محفوظة- بالتفصيل المتقدّم- لم يكن في مقام الإثبات مانع عن شمول الأدلّة لجميع الأطراف، لعموم أدلّة الأصول للشبهات البدويّة و المقرونة بالعلم الإجمالي.
هذا، و لكن يظهر من بعض كلمات الشيخ- قدّس سرّه- عدم شمول أدلّتها للشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، بدعوى: أنّه يلزم من الشمول مناقضة صدر الدليل لذيله حيث قال- قدس سرّه- في آخر مبحث الاستصحاب عند تعارض الاستصحابين ما هذا لفظه: الثانية: أنّه إذا لم يكن مرجّح، فالحقّ التساقط دون التخيير، لا لما ذكره بعض المعاصرين. إلى أن قال بل لأنّ العلم الإجمالي هنا بانتقاض أحد الضدّين يوجب خروجهما عن مدلول «لا تنقض» لأنّ قوله:
«لا تنقض اليقين بالشكّ و لكن تنقضه بيقين مثله» يدلّ على حرمة النقض بالشكّ و وجوب النقض باليقين، فإذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السابقة في أحد المستصحبين فلا يجوز إبقاء كلّ منهما تحت عموم حرمة النقض بالشكّ، لأنّه مستلزم لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله. إلى أن قال: و قد تقدّم نظير ذلك في الشبهة المحصورة، و أنّ قوله عليه السلام «كلّ شيء حلال حتى تعرف أنّه حرام» لا يشمل شيئا من المشتبهين. انتهى موضع الحاجة من كلامه، زيد في علوّ مقامه.
و مراده ممّا تقدّم: هو ما ذكره في أوّل الشك في المكلّف به، فانّه قد أطال
______________________________ [1] أقول: هذا سهو من قلمه الشريف، و إلا فبهذا المضمون ليس في الأخبار.