- 2- الدّين الإسلامي بما انّه خاتم للشرائع الإلهيّة يشتمل على جميع ما يجب أو يناسب ان يقصده الشّارع في وضع الشّريعة: من المقاصد، و الحاجيّات، و الكماليّات فليس شيء ممّا يتوقّف عليه حفظ مصالح الدّين و الدّنيا من الضّروريات الخمس الّتي هي المقاصد إلّا و قد شرّع له في الإسلام ما يقوم به أركانها و يحفظ وجودها و كيانها، و ما يدفع به عمّا يورث اختلالها و يمكن ان يؤثّر في زوالها.
و كذلك الشّأن في الحاجيّات، فليس امر يحتاج إليه في التوسعة على النّاس إلّا و قد ثبت له في الشّريعة السمحة السهلة موادّ، و انتفى التّضييق فيه برفع العسر، و الحرج، و المشقة، و الضّرر عن العباد، و وسع عليهم فيما لا يعلمون، و رفع عنهم المؤاخذة في الخطاء، و النّسيان، و ما اضطرّوا إليه، و ما استكرهوا عليه، و ما لا يطيقون ... إلخ و هكذا الأمر في الكماليّات و محاسن العادات، فليس شيء يصلح لأن يجعل ذريعة إلى تحصيل مكارم الأخلاق، و يناسب ان يتوسّل به إلى تطهير الأعراق إلّا و قد أرشد إليه أئمّة الإسلام، و توصّل إلى رعايته بتعليم الآداب و مندوبات الأحكام.
و بالجملة، الدّين الإسلامي جامع لكل ما يحتاج الإنسان إليه، أو ينفعه، أو يحسن له في نشأتيه.
- 3- صدر من الشّارع في بيان وظائف الأمّة أحكام من طريق الكتاب و السّنة، لكنّها غير مجتمعة بالتّدوين، بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أوتوا العلم و الدّين، و مع ذلك كان تحصيل العلم بالأحكام في ذلك العصر، عصر السّعادة و خير القرون، سهلا ميسورا إذ كان باب العلم على الأمّة مفتوحا، و المسألة عن الرّسول للمؤمنين مقدورا.
انقضى عصر الوحي و التنزيل، و خضع النّاس لسلطان الإسلام و إطاعة الأحكام جيلا بعد جيل، انبسط حكم الشّريعة على البلاد البعيدة و الأمم المختلفة من حيث الخلق و العادة و العقيدة، فانعطف توجّه الزّعماء من الصّحابة إلى جمع