البناء و الإعراب لها، و الموضوع في علم الصّرف هي الكلمة من حيث خصوص لحوق الصّحة و الاعتلال لها، فيكون المائز بين علم النّحو و الصّرف هو الموضوع المتحيّث بالحيثيّة الكذائية.
و بعد ذلك، لا موجب لدعوى انّ تمايز العلوم بتمايز الأغراض، مع انّ هناك مائز ذاتي في الرّتبة السابقة على الغرض.
و ما يقال: من انّ الموضوع في علم المعاني هو الكلمة القابلة للحوق البناء و الإعراب لها، فيرتفع المائز بين علم النّحو و علم المعاني فضعفه ظاهر، إذا لموضوع في علم المعاني، ليس هو الكلمة من حيث لحوق الإعراب و البناء لها، بل هو الكلمة من حيث لحوق الفصاحة و البلاغة لها، و ان كان لحوق الفصاحة و البلاغة لها في حال لحوق البناء و الإعراب لها، إلّا انّ كون الكلمة في حال كذا موضوعا لعلم لا يكون البحث في ذلك العلم عن ذلك الحال غير كون الكلمة موضوعا بقيد ذاك الحال فتأمل.
و بما ذكرنا من قيد الحيثية يظهر:
انّ البحث في جلّ مباحث الأوامر و النّواهي ممّا يرجع البحث عن مفاهيم الألفاظ و مداليل صيغ الأمر و النّهى، يكون بحثا عمّا يلحق موضوع علم الأصول و ليس من المعاني اللّغويّة، إذ البحث في تلك المباحث انّما يكون من حيثيّة استنباط الحكم الشّرعي، و ان كان عنوان البحث أعمّ، إلّا انّ قيد الحيثيّة ملحوظ فتأمّل.
و إذا عرفت ما ذكرناه: من انّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات، و تمايز الموضوعات بتمايز الحيثيّات، فلا يهمّنا البحث عن انّ عوارض الجنس من العوارض الذّاتيّة أو العوارض الغريبة، و نفصل القول في أقسام كلّ منها، فليطلب من المطوّلات.
بقي في المقام البحث عن الجهة الثّالثة و هي البحث عن موضوع خصوص علم الأصول.
فقيل:
انّ موضوع علم الأصول هو الأدلّة الأربعة بذواتها، أو بوصف كونها أدلّة.