المسألة الرابعة: [في المضاربة الثانية مع مالك آخر]
و البحث فيه يقع في مقامين:
المقام الأوّل: هل يجوز للعامل الذي أخذ من شخص مالًا بعنوان المضاربة، أن يأخذ من آخر مضاربة أم لا؟
فيه أقوال، فقال العلامة رحمه الله في القواعد[1] و المحقق الثاني رحمه الله و ابن قدامة و الحنابلة من العامة بالمنع، إن تضرر به المالك الأوّل، و هو الحق.
و أما كيف يتحقق الضرر و لِمَ لا يجوز عقد المضاربة ثانياً؟ فقد بينه المحقق الثاني رحمه الله بقوله: «بأن يكون العمل في المال الثاني مانعاً عن العمل الأوّل أو عن كماله أو عجزه عن حفظهما و ضبطهما. و إنّما لم يجز ذلك؛ لأنّ المضاربة مبنية على الحظ و الاستنماء، فإذا فعل ما يمنع ذلك لم يكن له؛ كما لو أراد التصرف بخلاف الغبطة.»[2] و قال ابن قدامة في تصوير الضرر: «مثل ان يكون المال الثاني كثيراً يحتاج إلى ان يقطع زمانه و يشغله عن التجارة في الأوّل و يكون المال الأوّل كثيراً متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته.»[3] و لا يخفى أن محل البحث في كلامهم فيما إذا لم يأذن المالك الأوّل و إلّا، فقد صرّحوا بالجواز.
[1].- راجع لعبارة القواعد: إيضاح الفوائد، ج 2، ص 320.