الموارد، أخذ القاضي المال بنفسه، إذا كان هو منفّذ الحكم. غاية الأمر، أنّه يدّعي وجود المانع، من تأثير مقتضي الضمان و هو صحّة الحكم؛ فيجب عليه إثبات ذلك بالبيّنة و أمثالها.
هذا، و قد حكي مثل هذا القول و تبريره بهذا الوجه، عن أبي حنيفة النعمان[1] أيضاً.
و أمّا القول الأوّل و هو قول الشيخ[2] و العلّامة رحمهما الله[3] و هو الحقّ؛ لأنّ القاضي ليس مدّعياً حتّى يقيم البيّنة، سواء قلنا: إنّ المدّعي هو الذي «لو تَرك تُرك»، أم قلنا: إنّ المدّعي من يخالف قوله الأصل، أو ظاهر الحال.
أمّا الأوّل فواضح؛ لأنّ الذي لو تَرك تُرك هو المشتكي لا القاضي و أمّا الثاني فلأنّ موجب الضمان ليس مجرّد الأمر بأخذ المال، بل أخذه بغير الوجه الشرعي و هو مشكوك و الأصل عدمه.
و السرّ في ذلك أنّ الضمان إمّا ضمان الإتلاف أو ضمان اليد، و كلاهما يحتاجان إلى إحراز العنوان. اللّهم إلّا أن يقال: إنّ الأخذ معلوم و كونه على الوجه الشرعي غير معلوم، فيشمله عموم «على اليد» و الذي يحسم مادّة الإشكال هو جريان أصالة الصحّة و حكومتها على أصالة العدم، و لو لا ذلك لاختلّ نظام الأمور.
و أمّا الثالث و هو كونه مخالفاً لظاهر الحال، فقول القاضي ليس مخالفاً له سواء كان المراد منه ظاهر حال القاضي أو ظاهر حال من يركن إليه و يختاره للعمل القضائي؛ لأنّ ظاهر حالهما هو الدقّة و الاهتمام بإجراء العدل، و المنع عن الباطل و الجور.
هذا بحسب ما كان في العصور الماضية من عدم كون الملفّ موجوداً و بأيدي الناس و الآن فمطالعة الملفّات القضائيّة توضّح و تبيّن كلّ شيء من كون القضاء على أساس الجور أو كان المشتكي كاذباً فلا يحتاج كشف الحقيقة إلى هذه التحميلات.