الى انّ الركن الوثيق في التحركات الاقتصادية، و المحور الأصلي هو رأس المال (سرمايه)، فبه يتحقق البيع و الشراء و التجارة و الشركة و كل عمل اقتصادي آخر، فمن ليس له رأس المال؛ لا فعلا و لا قوة بقوة قريبة، فلا بدّ من أن يجعل شيئا آخر مكانه، و جعله محورا و أصلا لتحركاته الاقتصادية، و هو اما قوته البدنية و الجسمية، فيجعلها مكان رأس المال، فيكون عاملا او زارعا او ساقيا او مستأجرا في المضاربة و المزارعة و المساقاة و الاجارة، بل و الجعالة.
و كذلك يجعلها مكان رأس المال في الشركة، فكما يكون الأول شركة العنان، فيكون ذلك شركة الابدان.
أو وجاهته و اعتباره عند السوقيين، فيستفيد منه في المعاملات، فيبيع و يشتري و يتجر، و لكن على سبيل النسيئة. و قد يجعلها أيضا في الشركة مكان رأس المال وجيهان يتعهدان بأن يشتغلا في السوق بالاعمال الاقتصادية، فلو اتفق أن يقع في مشكلة فيعينه صديقه و يحميه حتى تنحل مشكلته، مثلا يقبل برواته التجارية و الحوالة و الضمان و غير ذلك، و كذلك الصديق الآخر، فيشتركان في آخر السنة في ربحهما و خسرانهما فطبعا لا يكون العمل عملا واحدا معلوما، و انّما حقيقته التعاهد للاستفادة من وجاهتهم الاقتصادية لحل مشاكلهم التجارية و غيرها، في مقابل الشركة في الربح.
و لعمري! انه ليس لشركة الوجوه وجه صحيح غير ذلك، و لا ينبغي الترديد فيه و في بطلانه، و كونه أمرا خاسرا لمن له أدنى خبروية بالامور التجارية و الاقتصادية.
الرابع: شركة المفاوضة: قال المحقق (ره): «و لا شركة بالمفاوضة».
قال في العروة: «و شركة المفاوضة أيضا باطلة؛ و هي: ان يشترك اثنان أو أزيد على ان يكون كل ما يحصل لأحدهما من ربح أو تجارة أو زراعة أو كسب آخر، أو إرث أو وصية أو نحو ذلك؛ مشتركا بينهما، و كذا كل غرامة ترد على أحدهما تكون عليهما.»[1]