و ليس هو كالصوم المتقوم بالتعبد بترك المفطرات، و الذي يبطل بفعل شيء منها.
و الثاني إنما يدل على منافاة الخروج للاعتكاف، و هو كما يكون لتقوم الاعتكاف باللبث يكون لأن الاعتكاف لما ابتنى على فرض المكلف على نفسه اللبث فمقتضى نفوذ ذلك عليهتبعا لصحة الاعتكافعدم الخروج و حرمته تكليفا لمخالفته للفرض الذي حصل من دون أن يقتضي بطلانه، نظير حرمة إتيان منافيات الإحرام بعد التلبس به. و أما ما تقدم من أن الأصل في النهي في الماهيات المركبة المانعية فهو إنما يتم فيما إذا لم يكن هناك منشأ ارتكازي للحرمة التكليفية، و لا يتم في مثل المقام مما كان المنهي عنه منافيا لمقتضى الالتزام و الفرض النافذ، المقتضي لحرمته تكليفا، حيث يصلح ذلك للقرينية على كون النهي تكليفيا، الذي هو مقتضى الأصل الأولي فيه.
و لا سيما بملاحظة أن المناسبات الارتكازية تقضي بأن منشأ استثناء المستثنيات- كالحاجة و عيادة المريضهو أهميتها، المناسب لكون المستثنى منه هو الحرمة التكليفية، لا القاطعية و نحوها من الأحكام الوضعية، لأن التنازل عن الأحكام الوضعية من أجل الأهمية و إن كان ممكنا نظير استثناء ردّ السلام من قاطعية الكلام للصلاة، إلا أن الأنسب ارتكازا هو رفع الأهمية للحرمة التكليفية المؤكد للظهور المتقدم.
و لا أقل من كون ذلك مانعا من صلوح خصوصية كون الماهية مركبة لانقلاب ظهور النهي، و لو بأن يبنى على الإجمال، و إن كان بعيدا.
و يناسب ما ذكرنا قوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا اعتكف يوما و لم يكن اشترط فله أن يخرج و يفسخ الاعتكاف»[1]، لإشعاره أو ظهوره في أن الخروج إنما يجوز لجواز الفسخ، لا لأمر آخر و هو جواز الإبطال.
و كذا إطلاق ما تضمن حرمة الجماع على المعتكف[2]، و ثبوت الكفارة به[3]، فإنه و إن تعين حمل بعضه على خصوص الجماع بعد اليومين الأولين، كصحيح أبي
[1] وسائل الشيعة ج: 7 باب: 4 من كتاب الاعتكاف حديث: 1.
[2] راجع وسائل الشيعة ج: 7 باب: 5 من كتاب الاعتكاف.
[3] راجع وسائل الشيعة ج: 7 باب: 6 من كتاب الاعتكاف.