ولعله لذا أمر عمرو بن سعيد بن العاص بعد قتل الإمام الحسين (ع) صاحب شرطته عمرو بن الزبير أن يهدم دور بني هاشم ففعل، وبلغ منهم كل مبلغ. وهدم دار ابن مطيع، وضرب الناس ضرباً شديداً، فهربوا منه إلى ابن الزبير[1].
حيث لا يبعد أن يكون ذلك منه رداً على الناس وعقوبة لهم، لأنهم تحدّوا بعواطفهم موقف السلطة، وإظهاراً لصرامتها في ذلك، ورداً لهيبتها واعتبارها.
موقف أهل المدينة عند رجوع العائلة الثاكلة إليها
أما بعد رجوع ركب العائلة مكرماً إلى المدينة- نتيجة تراجع السلطة عن موقفها، كما يأتي- فقد اندفع الناس في إظهار عواطفهم.
فعن الواقدي أنه لم يبق بالمدينة أحد، وخرجوا يضجون بالبكاء[2]. وقال الخوارزمي: «عجت نساء بني هاشم، وصارت المدينة صيحة واحدة»[3].
وروي أن الإمام زين العابدين (ع) بعث بشر بن حذلم ينعى الإمام الحسين (ع) لأهل المدينة، ويخبرهم بأن ركبه قد نزل بساحتهم. فخرج الناس يهرعون، ولم تبق مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن يدعون بالويل والثبور، وضجت المدينة بالبكاء. فلم ير باك أكثر من ذلك اليوم. وخرجوا
[1] الأغاني ج: 5 ص: 75 ذكر عبيد الله بن قيس الرقيات. وقد تعرض لبعض ذلك الزركلي في الأعلام ج: 7 ص: 248 في ترجمة مصعب بن الزبير.
[2] ينابيع المودة ج: 3 ص: 47. تذكرة الخواص ص: 267 حديث الجمال التي حمل عليها الرأس والسبابا.