اسم الکتاب : تاريخ الفقه الامامي: من البداية الى القرن الثامن الهجري المؤلف : المدوح، مرتضى جواد الجزء : 1 صفحة : 133
ولذا نجد أن الشيخ الكليني قدس سره
في كتابه (الإرث والفرائض) قد عدل عن طريقته التي سار عليها في مجمل بحوث كتابه
بالاقتصار على إيراد الأخبار، فقام أولاً في أوّل كتاب الإرث ببيان الطبقات
وتوضيحها، ثم قام في باب آخر ببيان الفرائض المكتوبة لهم في الكتاب شارحاً ذلك
ببيان وافٍ على ضوء الآيات المبينة للفرائض والأسهم، مع استعراض للأقوال ومواطن
الإجماع والخلاف في تلك المسائل، وطرح المناقشات التي يمكن أن ترد في البحث مجيباً
عليها، ثم يشرع بعد ذلك بتبويب الأخبار المتعلقة بمسائل كتاب الإرث، كل ذلك يضع
الباحث أمام أُنموذج من نماذج البحث
الفقهي في كتاب الكافي ليقف عند صورة تعكس مستوى البحث الفقهي لمؤلفه الفقيه وهو
يخرج عن منهجه الحديثي الذي سار عليه في كتابه ليحرر بحثاً فقهياً استدلالياً في
فروع ومسائل شتى.
المنطلقات
الأصولية للبحث الفقهي عند الكليني
يظهر للمتتبع لتأريخ علم الأصول أن التكوين
الأول لهذا العلم قد بدأ - بشكل رسمي ومقرر - في القرنين الرابع والخامس، وهذا لا
يلغي - بالطبع - الجهود العلمية الأولى التي سبقت هذه الفترة والتي ظهرت في بعض
مصنفات أصحاب الأئمة عليهم السلام في هذا المجال، إذ إنا نتكلم عن الوجه الرسمي
لهذا العلم كصناعة مقررة تمتلك مقوماتها ومنهجها الخاص بها.
وقد عاصر فقيهنا الكليني بدايات تلك
المرحلة التي أرسى قواعدها بعض معاصريه من فقهائنا العظام الذين افتقدنا آثارهم
وعطاءهم العلمي، الأمر الذي افقدنا امتلاك تصور كامل وجامع في هذا المجال.
والكليني بالرغم مما اشتهر وعرف عنه
من اهتمامه بأمر الحديث فإنّ المتتبع
اسم الکتاب : تاريخ الفقه الامامي: من البداية الى القرن الثامن الهجري المؤلف : المدوح، مرتضى جواد الجزء : 1 صفحة : 133