وكما عن الشيخ ابن إدريس الحلي يكثر
من بيان موافقة فتاوى كبار الفقهاء - كعلي بن بابويه - لما يفتي به في السرائر
مخالفاً لفتاوىي غيره من الفقهاء، ومن ذلك ما أورده في السرائر، فقد قال ما نصّه: «فأما
إذا ما ماتت فيها عقرب أو وزغة فلا ينجس، ولا يجب أن ينزح منها شيء بغير خلاف من
محصِّل، ولا يلتفت إلى ما يوجد في سواد الكتب» ثم اعتذر عمّن أفتى بخلاف ذلك بأنه
إنما أورده على جهة الرواية بحيث لا يشذّ من الأخبار شيء دون تحقيق العمل عليه إلى
أن قال: «وابن بابويه في رسالته يذهب إلى ما اخترناه من أنه لا ينزح من موت العقرب
في البئر شيء»([165]).
واعتذار ابن إدريس في هذا الكلام -
كما مر - يفيد إلى حد ما بأنّ علي بن بابويه كان في نظر ابن إدريس محققاً فيما
يفتي به من الأخبار مميزاً بين صحيحها وضعيفها على الأقل فيما يرتبط بالأخبار
الواردة في نجاسة البئر وتطهيرها.
على أنّ ما أفتى به ابن بابويه إنما
هو على طبق ما ورد في الصحيح عن ابن مسكان عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «وكل
شيء سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس»([166]).
كما قال ابن إدريس في موضع آخر: «وما
اخترناه مذهب الشيخ الصدوق، وعلي بن بابويه في رسالته»([167]).