اولاً- العلامات البعيدة عن يوم الظهور

وهي علامات تتحقق تبعاً لتحقق مقتضياتها ودواعيها فالروايات تشير إلى حالة من الإغراق في المفاهيم لدى المجتمع لترتكب من خلال ذلك مخالفات المفهوم السياسي الذي يمثله الحاكم, وفي المفهوم الاقتصادي الذي يمارسه التاجر, وفي المفهوم الاجتماعي الذي يعاني من خلاله المجتمع بعلاقاته المنحرفة وممارساته الشاذة كما في ورد في هذه الرواية عن الإمام علي عليه السلام:

روى النعماني في غيبته بسنده عن علي عليه السلام أنه قال:

يأتيكم بعد الخمسين والمائة أمراء كفرة, وأمناء خونة, وعرفاء فسقة, فتكثر التجار, وتقل الأرباح, ويفشو الربا, وتكثر أولاد الزنا, وتغمر السفاح, وتتناكر المعارف, وتعظم الأهلة, وتكتفي النساء بالنساء, والرجال بالرجال.

فحدث رجل علي بن أبي طالب عليه السلام, أنّه قام إليه رجل حين تحدث بهذا الحديث فقال له: يا أمير المؤمنين, وكيف نصنع في ذلك الزمان؟ فقال:

الهرب الهرب, فإنه لا يزال عدل الله مبسوطا على هذه الأمة ما لم يمُل قراؤهم إلى أمرائهم, وما لم يزل أبرارهم ينهى فجارهم, فإن لم يفعلوا ثم استنفروا فقالوا: لا اله الا الله, قال الله في عرشه: كذبتم لستم بصادقين[96].

فالانقلاب في المفهوم السياسي يمثله انحراف الحاكم: أمراء كفرة- أمناء خونة- عرفاء فسقة. والحالة الإقتصادية المتردية تنتج عنها: كثرة التجار- قلة الارباح- إفشاء الربا.

وطبيعي أنّ كثرة التجار هي حالة تعاظم في الانحرا ف الاقتصادي, فتنضم الطبقة المستفيدة على حساب المحرومين والمستضعفين, إلاّ أنّ ذلك الانحراف يفرز قضية

[96] غيبة النعماني : 248.