فريق الشقاء، يوم القيامة إنّما
شقي لسقوطه الروحي في الحياة الدنيا بانفصاله أيّامها عن اللّه وخلوده إلى هواه
وشيطانه وزينة الأرض. وفريق السعادة، يوم القيامة إنّما سعد لسموّه الروحي في هذه
الحياة بتعلّقه أيّامها باللّه، وركونه إلى الدليل من عقله والهدى من ربّه،
والاستعانة بالطيبات على تكميل نفسه والإعداد لآخرته. فكلٌ من سعادة الآخرة
وشقائها مصنعه الأرض في الحياة الدنيا ومن خلال إرادة الإنسان المخيّر بين الخلود
إلى الأرض، والصعود بكيانه الإنساني ومضمونه الروحي إلى السماء ... بين الاستقامة
والانحراف ... بين الإيمان والكفر ... بين الطيبات والخبائث. والقائمة السوداء من
هذه المتقابلات لا تُجاري القائمة المشرقة منها في تقديم السعادة في الدنيا
للإنسان. وإن قدّمت لذائذ حيوانية سرقةً من بعض مع فساد كبير في الأرض، فالثمن
عذاب مقيم في الآخرة بما تحدثه من تصفية إنسانية وروحية لأصحابها وهم كثير. أمّا
القائمة المشرقة فهي تتّخذ من سعادة الدنيا طريقاً إلى سعادة الآخرة، وتصوغ بمنهجة
الإسلام إذا