اسم الکتاب : معرفة العقيدة المؤلف : قاسم، عيسى احمد الجزء : 1 صفحة : 89
المخلوقات الأخرى، وما يعجُّ به
كلّ جزء من أجزائه، وكلّ جنبة من جنباته، من أسرار علمية دقيقة، ومخزون هائل من
روائع النّظام والصّنع.
كم من نوع دابّة، كم من صنف دابّة،
كم من أفراد دابّة تدبّ على وجه الأرض وفي الثرى، تغنى بدرجة من الإدراك والشعور،
وفطرة التدبير، والقدرة على السعي المخطَّط للرزق، والقيام بالدّور الذي أُعدِّت
له، والتوجّه إلى الغاية التي كانت من أجلها، وقد جُهّزت بكلّ ما له دخل في أداء
وظيفتها، والانتهاء بها إلى غايتها، وإتقان ما يتطلّب أمر النظم منها. وأُعطيت من
جهاز الدفاع للأعداء عن نفسها، والحماية من الأخطار ما يتناسب معها، ويحافظ عليها
إلى ساعة أجلها، على حدّ ما هو شأن المخلوق العظيم وهو الإنسان .. كم من هذا كلّه،
ومن أسرار الخلق الأخرى مما لا يُحصى، ويُذهل العارفين علمُه؟!"
[1].
الدليل الثاني: استحالة وجود
المعلول بلا علّة
" تقول الآية الكريمة:
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا
السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ)[2]،
سؤال مطروح على كلّ نفس، وفي كلّ نفس جوابه، قد يُغيَّب هذا الجواب تحت سجف
[3] الظلمة والركام الشّديد من ذنوب المرء، وقد يكون حاضراً فعليّاً
يبادر صاحبه من داخله.
وإذا كانت هناك سجف وظلمات فإنّ
الأخطار الكبيرة- كما مر- كافية عند محنتها أن تجلّي كلّ هذه السجف والظلمات ليثور
الجواب من الداخل وأن لا خلق بلا شيء، وأن لا أحد قد خلق السماوات والأرض غير
الله، وأن خلقها قد جاء من فراغ من غير شيء، من غير علّة لا مادية، ولا صورية،
ولا غائية، ولا فاعلية.
[1]. خطبة الجمعة (272) 27 محرم
الحرام 1428 ه-- 16 فبراير 2007 م.