الكافر يأخذ بخيار الدّنيا، وأكثر
من ينتسب لأهل الإيمان يغلب هذا الخيار نفسه، ويطغى في الأغلب على مواقفه، والثلّة
الواعية المتميزة من أهل الإيمان الحقِّ هي التي تقدّم الآخرة على الدّنيا،
وتشتريها بها.
وخيار الآخرة هو خيار الله عزوجل
لهذا الإنسان .. خيار علمه، وحكمته، وإحاطته، ورحمته، وصدقه، ولطفه، وشفقته به.
ومع ذلك نقابل خيار الله لنا الذي
لا ينبغي أن يَحوم حوله سوءُ ظن ولا شك، بخيار من نظرتنا القصيرة، وفي غياب من
الخبرة بالآخرة نعيماً وعذاباً، وبدافع من هوى نفسٍ أمّارة بالسوء، وبكيد من شيطان
حاقد حائد، وأعداء جهلة مستكبرين، وبإلهاء من فسقة ماجنين ساقطين
[2] .. فما أسوأ ما اختار امرؤ لنفسه بتزيين من هواه، وهوى أعدائه في
قبال ما يختاره له ربُّه العليم الخبير الحكيم الرؤوف الرّحيم"
[3].
حياة المعاد ولذائذها
" أما حياة المعاد فهي حياة
روح وجسد، واللّذة فيها لذّتان، والعذاب أكثر من عذاب، يقول القرآن الكريم:
(وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ
رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ)[4].