وعلى
الجملة فقد جاءهم الإسلام بجديد في كلّ فروع الحياة .
وقد كان مما فعله الإسلام هو توحيد
العرب وجمعهم على لغة واحدة ، بل قل على لهجة واحدة ، وهي لهجة
قريش ، فأزال الشواذّ منها التي كانت تشين قرائح العرب ، كما هذّبها من
الخشن الجافّ ، والحوشي الغريب ، كما أمدّهم بألفاظ ومعاني جديدة لم
يعرفوها من قبل ، مثل معنى المؤمن ، والكافر ، والمنافق ،
والفاسق ، والصلاة ، والصوم و
فالعرب عرفت المؤمن من الأمان ،
والكفر من الغطاء والستر ، والنفاق من سرب الأرض ; و يسمى المنافق
منافقاً لمشابهة عمله مع اليربوع الذي يخرج تراب الجحر ثم يسدّ به فم الآخر ;
فشبّه به لأنّه يخرج من الإيمان من غير الوجه الذي دخل فيه .
والفسق بمعنى خروج الرطبة من
قشرتها ، والصلاة بمعنى الدعاء ، والزكاة بمعنى النماء ، والصوم
بمعنى الإمساك ، والحجّ بمعنى القصد ، وكانوا لا يعرفون غير هذه
المعاني ، والإسلام أمدهم بمعاني ومفاهيم جديدة ، وهي المعروفة عند
المسلمين اليوم .
وبفضل القرآن رفعت مكانة اللغة وصقلت
المفاهيم وتذوّق العرب الحضارة وخرجوا من البداوة .
نعم ، إنّ الإسلام أهمل بعض
الألفاظ لا لعدم إقراره بمعانيها ، بل لكونها غريبة وحشية أو خشنة
جافة ، أو متنافرة الأصوات ، أو عديمة الظِّلال ، أو متعثّرة
المعنى ، فهو ينظر إلى انسيابية الكلمة مع لحاظ معناها اللغوي ، فلا
يرضى بالمعنى اللغوي مع وحشية الكلمة .
لكنّ المشركين والجاهليين من العرب
كانوا يتعاملون مع الألفاظ والأسماء على أ نّها علائم للتمييز
فقط ، كما أ نّهم كانوا
يسعون للوقوف أمام المدّ الإسلامي