موسى ،
وذلك ما لم يلتفت إليه هارون العباسي ، فكان يغدق الأموال والعطايا والهدايا
على هذا الشاعر ، فلمّا علم بذلك وبمقصد منصور النمري جنّ
جنونه .
وقد نقل السيد المرتضى عن
المرزباني ، عن الحكيمي ، عن يموت بن المزرّع عن الجاحظ قوله : كان
منصور النميري ينافق[592] الرشيد
ويذكر هارون في شعره ويريه أنّه من وجوه شيعته ، وباطِنُهُ ومرادُهُ بذلك
أميرالمؤمنين(عليه
السلام)
علي بن أبي طالب لقول النبيّ(صلى الله عليه وآله) :
«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»[593] .
ولمّا وقف هارون العباسي على تشيّع
منصور النمري أمر بِسَلِّ لسانه وقطع يديه ورجليه ثمّ ضرب عنقه وحمل رأسه إليه
وصلب بدنه ، فلمّا ذهبوا لينفذوا ذلك وجدوه قد مات ودفن ، فرجعوا إلى
هارون العباسي فأخبروه فقال : هلاّ احرقتموه بالنار ، وفي رواية أخرى
أنّهم نبشوا قبره[594] .
إذَنْ لولا تشابه الأسماء واختلاطها
لما استطاع منصور النمري ـ أو غيره من الشعراء أو الرواة أو الفقهاء ـ أن يبثّ
قصائده وأفكاره بعيداً عن عيون الدولة وجواسيسها ، لكنّ تشابه الأسماء وعدم
إظهار الحساسيّة منها كان له ـ في جانب من جوانبه ـ المردود
الخيِّر على شيعة آل محمّد بفضل علم وسياسة أئمّتهم(عليهم
السلام) .
وبهذا قد انتهينا من بيان مسيرة
الأسماء في القرنين الأول والثاني ، وموقف أهل البيت والخلفاء منها ،
والآن ، نأتي بجرد إحصائي لمن سُمّى باسماء الثلاثة
في
العصور اللاّحقة كي نبيّن بأنّ الأئمة وشيعتهم لم يخالفوا الأسماء ، ومن
خلال
ذلك تفند دعوى ابن تيمية وأتباعه القائلين بعدم وجود هذه الأسـماء عند
الشـيعة :
[592] هذه
عبارته ، وهذا ليس نفاقاً و إنّما هو
تقية ، وفي الأدب يسمّى حسنى المُواربة .