إنّ
الناس المرتبطين بأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا
يعرفون هذه الأمور ، ويعلمون بأنّ تسلّط الأمويّين على رقاب المسلمين كان
بِفِعْل عمر بن الخطّاب ، وأنّ مردود كلّ هذه الأعمال الإجرامية يرجع وزرها
إلى الاول والثاني لأنّهما المسؤولان عن كلّ ذلك ، فعمر ـ الذي جاء إلى الحكم
بوصية من أبي بكر ـ هو الذي ثبّت حكم معاوية بن أبي سفيان وقوّى سلطانه ، وقد
أخبرت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عن هذا الأمر وأنّ
التالين سيعرفون غبّ ما أسّسه الأوّلون[532] .
فقد اخرج الكليني في الكافي عن الكميت
بن زيد الأسدي قال : دخلت على أبي جعفر(عليه
السلام)
فقال : والله يا كميت لو كان عندنا مال لأعطيناك منه ولكن لك ما قال رسول
الله(صلى
الله عليه وآله)
لحسّان بن ثابت لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا .
قال : قلت : خبّرني عن
الرَّجلين ؟
قال : فأخذ الوسادة فكسرها في
صدره ثمَّ قال : والله يا كميت ما اهريق محجمة من دم ولا اُخذ مال من غير
حلّة ولا قُلب حجر عن حجر إلاّ ذاك في أعناقهما[533] .
وأيضاً روى باسناده عن أبي العبّاس
المكّي قال : سمعت أبا جعفر(عليه السلام)يقول : إنَّ
عمر لقي عليّاً صلوات الله عليه فقال له : أنت الّذي تقرأ هذه الآية (بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ)[534] وتعرّض بي
وبصاحبي ؟ قال : فقال له : أفلا اُخبرك بآية نزلت في بني
اُميّة : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن
تُفْسِدُواْ فِي الاَْرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ)
فقال : كذبت ، بنو أميّة أوصل للرَّحم منك ولكنك أبيت إلاّ عداوة لبني
[534]
المفتون بمعنى الفتنة كما تقول : ليس له معقول أي عقل وقوله تعالى : (بِأَييِّكُمُ
الْمَفْتُونُ)أي بأي الفريقين منكم الجنون بفريق المؤمنين
أو الكافرين ، وقد أتى الإمام بهذه الآية تعريضاً بهما حيث نسبا الجنون إلى
النبي كما ذكر في نزول الآية .