والجواب : أنّ الذي ذكره ابن المنير هو
الذي أسّسه الزمخشريّ من عنده وَتَفَلْسَفَ بهِ ، ثمّ تبعه الجماعة واحداً
تَلو الآخر ، وكلّ واحد يعرف أنّه منه محاولة تطبيق القرآن على المذهب لا أخذ
المذهب من القرآن ، وهذا الدليل ذكروه بعبارات مختلفة ، وعبّر عنه هنا
بالإيجاز والاختصار ، وتوكيد الفائدة والأصل ـ على حسب تعبيرهم ـ أن يقال ـ
مثلاً ـ : واغسلوا أرجلكم غسلاً خفيفاً لا إسراف فيه ، كما هو المعتاد ،
فاختصرت هذه المقاصد بإشراكه «الأرجل» مع الممسوح ، تنبيهاً على أنّ الغسل
المطلوب في «الأرجل» غسل خفيف يقارب المسح .
ولو كان الأمر كما يزعمون ، لكان ذلك تعقيداً
لفظيّاً لا يفهم المراد منه ; وهو مخلّ بالفصاحة ودالّ على عجز المتكلّم عن
أن يأتي بهذه الأغراض بعبارة واضحة ، وذلك يأبى منه كلام الله ، فهو
ممّا لا يجترئ عليه أحدٌ من المسلمين ، بل اعترف بنزاهة القرآن منه المنصفون
من الكفّار والمتعنّتون من فصحاء العرب المشركين .
والخلاصة أنّهم لم يجدوا القراءة الجرّ معنى مقنعا إلاّ
المسح ولكنّهم أبو إلاّ الغسل .
61 ـ أبو البركات النسفيّ (ت710هـ)
حمل أبو البركات الجرّ على الغسل مع عطف «الأرجل» على
«الرؤوس» مستدلاً بما أبدعه الزمخشريّ من عنده ، والزمخشري فتح لهؤلاء
الجماعة باب
[465] .
الإنصاف فيما تضمّنه الكشّاف 1 : 597 ـ 598 -
اسم الکتاب : آیة الوضو و اشکالیة الدلالة المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 181