كلمك
رجل سيّرته ونفيته ! فإنّ هذا شيء لا يسوغ
فكفَّ عن عمّار[114] .
نعم ؛ لولا مخالفة الإمام عليّ والمهاجرين لسياسته
الضاغطة ،
لما كفّ عن عمّار ابن ياسر ،
لأنّه قد اتّخذ من تلك السياسة طريقا لفرض آرائه ، فإنّ كلّ تلك الشدّة والصرامة التي
مارسها عثمان ضدّ كبار الصحابة وفقهائهم وعبّادهم وزهّادهم ومتّقيهم ، إنّما جاءت لكونهم خالفوه في قضيّة
قراءة القرآن ـ كما لوحظ في قضية ابن مسعود وكسر أضلاعه ـ ، أو في كيفية توزيع الأموال والفيء : كما هو المشاهد مع أبي ذرّ وغيره ـ ، أو لأنّ أحدهم خالف فتوى كعب الأخبار
الموافقة لرأي الخليفة ـ كما جاء في ردّ أبي ذرّ لكعب وقوله له : با ابن اليهوديّة ما أنت وما [115] ـ ، أو لأنّ أحدهم لا يرى فضلاً لبني العاص ، ناهيك عمّن ينال منهم أو يروي حديثا
ضدّهم
وما إلى ذلك الكثير .
وبعد
هذا لا نجد أحدا يشكّ بسياسة العنف التي مارسها عثمان ضدّ عظماء الصحابة
وفضلائهم دفاعا عن آرائه ، فإذا ثبت ذلك نتساءل :
لماذا
لا نرى أية بادرة عنف من الخليفة تجاه مخالفيه في مسألة الوضوء ، على الرغم من ادّعائه أنّ وضوءه هو وضوء رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ؟!
فلو صحّ للزم أن يكون وضوء المسلمين هو وضوء الخليفة ، وبذلك لاندحر «الناس» بوضوئهم ،
ولكفى المسلمون الخليفة مؤنة الصراع معهم ،
ولما تكلّف ، ويزيد الاستنتاج وضوحا ما نقل عن الخليفة من مراقبته لجزئيّات الوضع