أجل إن
عثمان بن عفان كان قد اتخذ أسلوب العنف على نطاق واسع مع مخالفيه من الصحابة ، وفي أبسط الأمور ، فلماذا لا يواجه مخالفيه في الوضوء بذلك ،
مع أن التيار العام يعتقد في الخليفة بأن له ردع المخالفين ؛ وتأديب الخاطئين ؛
وتعزير المنحرفين بما يراه صلاحا في الدنيا والدين .
الثانية: طلب النصرة .
بأن
يستنصر المسلمين استنصارا عامّا ليقضي على ما أدخله أُولئك في الدين ، وإعلان ذلك على منبر النبوّة ،
كما فعل ذلك أبو بكر بمن اصطلح عليهم أهل الردّة ومدّعي النبوّة ، وأن لا يختصّ هذا الاستنصار بجماعات صغيرة في الاشهاد ، أي يلزم على عثمان الاستفادة من الفهم العرفي العام عند المسلمين
لنبذ البدعة!! .
الثالثة: المطالبة بالدليل (المحاجّة) .
بأن
يطالب الخليفة «الناس» بأدلّتهم ، ليبيّن بذلك زيف ادّعائهم ، لأنّها ـ على فرض
كونها بدعة ـ سيعوزها الدليل ويقف على عدم صلتها بالدين وبُعدها عن جذور الشريعة[109] ، وبذلك سوف يعيى أربابها أمام ما يدّعيه المسلمون عامّة وستصبح
أُضحوكة وستمحى ، لتظافر السلطة مع عامّة الصحابة ضدّها .
والمثير للدهشة هنا ، أنَّ الخليفة الثالث لم يتّخذ أيّا من
هذه الإجراءات الثلاثة ،
بل والأغرب من ذلك
نراه يلتجئ إلى طريقة معاكسة لما يُفترض
[109] كفعل ابن عباس مع الخوارج ، أنظر الخبر بكامله في : مسند أحمد 1 : 86 ، والمستدرك على الصحيحين 2 : 165 / كتاب قتال أهل البغي / ح 2657 ، والبداية والنهاية 7 : 279 ـ 281.