مع مانعي الزكاة ولأسقطو به التكليف عن الخليفة في مواجهتهم .
فقد وردت روايات كثيرة عن كبار الصحابة في ذكر عقوبة مانع الزكاة وحرمة
منعه منهم ، عليّ بن أبي طالب ، أبو هريرة الدوسيّ ، عبدالله بن مسعود ، جابر بن عبدالله الأنصاريّ ، أبو ذرّ الغفاريّ ، أنس بن مالك ، وغيرهم من مشاهير الصحابة وهي الحالة
الطبيعيّة المتّبعة في جميع الديانات والمذاهب على مرّ العصور ، وسارت عليها سيرة المسلمين في شتّى مجالات الدين ، وبالخصوص في أبواب الفقه ومسائله الشرعيّة ؛ فلماذا نجد شذوذا عن هذه
القاعدة المتعارف عليها هنا ؟
أَلاَ تجعلنا نتّخذ موقف الشكّ والريبة وعدم الاطمئنان بمرويّات
الخليفة وأنصاره ، وتدعونا بدافع الحرص والأمانة للوصول إلى حقيقة الحال .
فنقول : لو كان غيره البادئ بالخلاف ،
لكان بوسع الخليفة بما له من قوّة تنفيذيّة أن يحسم النزاع بإحدى طرق ثلاث :
الأُولى: استعمال أُسلوب الردع الحاسم .
وهو ما قام به عمر بن الخطاب إذ ضرب صبيغ
بن عُسل الحنظلي حتى أدمى رأسه ،
وحُمل على قتبٍ ،
ونفي إلى البصرة ،
وحرّم عطاؤه ومنع الناس من مجالسته ، وصار وضيعا بعد أن كان سيدا ، كل ذلك لسؤاله عن متشابه القرآن[108]!!
وهذا
المنهج كان لا يرتضيه الإمام علي مع من يسأل عن المتشابه كالذاريات والمرسلات
والنازعات وأمثالها ، إذ أجاب 1 ابن الكواء عن نفس الأسئلة
التي
[108] سنن الدارمي 1 : 66 ـ 67 / باب من هاب الفُتيا
/ ح 144 ، 148 ، تاريخ دمشق 23 : 408
/الترجمة 2846 ، الإصابة في تمييز الصحابة 3 : 458 /
الترجمة 4127 ، مسند أحمد 2 : 539 ح 10970 ، الدر المنثور 2 : 152 ، فتح القدير 1 : 319 .