وقد جاء هذا المعنى صريحا فيما رواه الضبيعيّ ؛ قال : قلت لابن عبّاس : إنَّ أبي أخبرني أنّه سمع عليّا يقول : ألاَ مَن كان سائلي عن دم عثمان، فإنَّ الله قتله وأنا معه. فقال: صدق أبوك ؛ وهل تدري ما معنى قوله ! إنّما عنى: الله قتله وأنا مع الله[1047] كلّ ذلك بعد الفراغ عن صحة صدور تلك
النصوص عن الإمام علي .
الرابعة: أمّا ما قلتموه بأنَّ عليّا أرسل الحسن
والحسين للدفاع عنه ، فقد اختلف المؤرّخون فيه فمنهم مَن شكّك في
صحّة الخبر ، ومنهم مَن نفاه عنه ، وعلى فرض الصحّة ، فعلي بن أبي طالب إنّما أرسل ابنيه لإيصال الماء والغذاء إليه ، وهذا خُلق إسلاميّ لا يستبعد صدوره من الإمام .
علماً
بأنَّ المستحقّ للقتل أو الخلع ، لا يحل منع الطعام والشراب عنه ، وأنَّ
أمير المؤمنين لم يمنع أهل الشام من الماء في صفين مع تمكّنه من منعهم[1048] .
وعليه
فلا يستبعد أن يكون الإمام من المجيزين لقتل عثمان وإن لم يكن من الداعين إلى ذلك
والآمرين به ، ويمكن أن تضاف أقواله هذه إلى ما سردناه من نصوص ومواقف للصحابة من
قبل .
والآن
ندع هذه المقدمة لنواصل الدراسة ، راجين أن لا نكون بدرجنا لما سبق قد اغضنا أحدا ، بل إنّها كانت رؤية ألزمنا الطبريّ وابن الأثير وخليفة بن خياط وغيرهم
من المؤرّخين بطرحها ، ونحتمل أن تكون هي إحدى تلك الأسباب التي تخوّفوا من نقلها مجاراة
للعامّة !!