وقوّة
دليل المذهب ، بل لمسايرت أئمّة ذلك المذهب مع منويات الساسة جنبا إلى جنب .
مذهب الإمام مالك
بعد يأس المنصور من احتواء الإمام أبي حنيفة ، توجّه إلى الإمام مالك ليكتب له
(الموطّأ) ،
ووعده بأنّه سيحمل الناس على ذلك ،
ويجعل العلم علما واحداً !
وبعد وفاة
المنصور تمكّن المهديّ العبّاسيّ من احتواء كلا الخطّين ،
إذ ناط بأبي يوسف مهنة القضاء وقرّبه إليه ،
في حين كان المنصور قبله قد كسب الإمام مالكا ،
إذ قرأت ذلك سابقا وعرفت تفانيه في خدمة المنصور .
وقد نقل
عن الإمام مالك أنّه قال للمنصور : «لو لم يرك الله أهلاً لذلك ما قدّر لك ملك أمر الأُمّة ، وأزال عنهم الملك من بعد نبيّهم ولقرّب هذا الأمر إلى أهل بيته . أعانك الله على ما ولاّك وألهمك الشكر على ما خوّلك ، وأعانك على ما ولاك »[880] .
واتّخاذ هذا الموقف من قبل مالك لمصالح الحكّام جعل
أُستاذه ربيعة الرأي يبتعد عنه ويكرهه ، لأنّه كان لا يداهن السلطان ولا يرتضي التعامل
معهم ،
فلذلك هجر الناس ـ تبعا للحكومة ـ ربيعة الرأي ، والتفّوا حول مالك .
فجاء عن المنصور أنّه قال لمالك :
«يا أبا عبدالله ، ضع هذا العلم ودوّنه ، ودوّن منه كتابا ، وتجنّب شدائد ابن عمر ورخص ابن عبّاس ، وشواذ ابن مسعود ، واقصد إلى أوسط
الأُمور وما اجتمع عليه الأئمّة والصحابة ، لنحمل
[880] أخبار أبي حنيفة ، للقاضي أبي عبدالله
الصيمري : 69 .