الناس إن شاء الله على علمك وكتبك ونبثّها في الأمصار، ونعهد إليهم أن لا يخالفوها ولا يقضوا بسواها»[881] .
فاستجاب مالك لطلب المنصور ، وألف (الموطّأ) مع علمه بأنّ أهل
العراق لا يستجيبون لما كتبه ،
لكنّ المنصور طمأنه بأنّه سيحملهم عليها بالقوّة والسلطان!!
فصار (الموطّأ) دستور الحكومة ،
وهو أوّل كتاب دوّن في الحديث للدولة العبّاسيّة .
وروى أن القزاز قرأ الموطأ على مالك ليعلمه للرشيد ويبيّنه ، وكان القزّاز هذا قد أخذ أربعين ألف مسألة عن مالك[882] .
وأمر الرشيد عامله على المدينة بأن لا يقطع أمرا دون مالك ، واشتهر عن الرشيد أنّه كان يجلس على الأرض أمامه لاستماع حديثه .
قال ابن حزم : مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرياسة والسلطان ، مذهب أبي حنيفة ، فإنّه لمّا ولي أبو يوسف القضاء كان لا يولّي قاضيا إلّا من أصحابه
والمنتسبين إلى مذهبه ، والثاني مذهب مالك [883] .
فلاحظ
كيف صار فقه رسول الله يدوّن من قبل الحكّام الذين لا يهمّهم إلّا الحكم !!
بل كيف
بهم استغلّوا الفقهاء لترجيح الآراء المخالفة لفقه الطالبيّين وأنصار