هذا حال
أشهر تلامذة الإمام أبي حنيفة الناشر لفقهه والمدون لآرائه . وقد وقفت على دَور الدولة في الأخذ بفتواه والعمل برأيه وجعله قاضيا
للقضاة ، وجلوسه في البيت لإفتاء الناس !!
أمّا
محمّد بن الحسن الشيبانيّ ، فهو ثاني أبرز تلامذة أبي حنيفة ،
وقد درس عليه وناظر وسمع الحديث ، لكن غلب عليه الرأي .
قدم
بغداد ودرس فيها ، ثمّ خرج إلى الرقّة وفيها هارون الرشيد ،
فولاّه قضاء الرقّة ، وأخرجه هارون معه إلى الري فمات بها ،
كان ملازما للسلطة العبّاسيّة وألف في الفقه الكثير من الكتب ، منها كتاب «الجامع الصغير» عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ، و «الجامع الكبير» ، وله مؤلفات فقهية اُخرى ، منها : (المبسوط في فروع الفقه) و (الزيادات) و (المخارج من الحيل) و
(الأصل) و (الحجة على أهل المدينة) وغيرها من الكتب[879] .
فهذا
حال التدوين عند أصحاب أبي حنيفة والمسائل التي سار عليها طائفة كبيرة من المسلمين .
وبذلك
اتّضح لك دور السلطة في انتشار مذهب والتعتيم على مذهب آخر ، وأنّ مهنة القضاء وتوجّه الحكّام إلى البعض من العلماء كان له الدور
الأكبر في تعرف الناس على ذلك المذهب أو الفقيه .
وقد عرفت بأنّ ازدياد عدد أتباع هذا المذهب أو ذاك يرجع إلى العوامل الجانبيّة
والسياسية لا إلى المقوّمات الأساسيّة
[878] نقلنا النص عن
نشوار المحاضرة 1 : 305 ،
وفيات الأعيان 6 : 381 / الترجمة 824 لأبي يوسف القاضي ، المنتظم 9 : 74 الترجمة 988 له .