ثمّ إنّ
السلطات بعد وفاة الإمام أبي حنيفة استطاعت أن تحتوي اثنين من أكبر تلامذته ، هما : أبو يوسف القاضي ، ومحمّد بن الحسن الشيبانيّ اللذين كانا ينسبان كلّ ما وصلا إليه من
رأي إلى أبي حنيفة !
وكان
أبو يوسف قد انضمَّ إلى السلطة العبّاسيّة أيام المهديّ العبّاسيّ سنة 158 وظلّ
على ولائه أيّام الهادي والرشيد !
وقد ذكر
المؤرّخون سبب أتّصال أبي يوسف بالرشيد وتوثيق علاقاته به :
أن بعض القواد حنث في يمين ، فطلب فقيها يستفتيه فيها ، فجيء بأبي يوسف ، فأفتاه ، أنّه لم يحنث ، فوهب له دنانير وأخذ له دارا بالقرب منه واتّصل به .
فدخل القائد يوما على الرشيد فوجده مغموما ، فسأله عن سبب غمّه ، فقال : شيء من أمر الدين قد حزنني ، فاطلب لي فقيها أستفتيه ؛ فجاءه بأبي
يوسف .
قال أبو
يوسف : فلمّا دخلت إلى ممرّ بين الدور ،
رأيت فتىً حسنا أثر المُلك عليه [الظاهر أنّه الأمين بن الرشيد] وهو في حجرة في
الممر محبوس ، فأومأ إليَّ بإصبعه مستغيثا ،
فلم أفهم عنه إرادته ، وأُدخلتُ إلى الرشيد ، فلما مثلت بين يديه ، سلّمت ، ووقفت . فقال لي : ما اسمك ؟
قلت : يعقوب ، أصلح الله أمير المؤمنين .
قال : ما تقول في إمام شاهد رجلاً يزني ،
هل يحدّه ؟
قلت : لا يجب ذلك .
قال : فحين قلتها سجد الرشيد ، فوقع لي أنّه قد رأى
بعض أولاده الذكور على ذلك ، وأن الذي أشار إليَّ بالاستغاثة هو الابن الزاني !