مذهب
الإمام عليّ وعبدالله بن عباس وأهل البيت عموما ،
لنأخذ فكرة إجمالية عنها ، وكيف أن هذه المذاهب جعلت الوضوء الثلاثيّ الغسليّ الذي ركّزت عليه الحكومة
العبّاسيّة كنقطة من نقاط الاختلاف التي يمكن من خلالها معرفة مخالفيها
العقائديّين والفقهييّن .
مذهب الإمام أبي حنيفة
وأوّل
مذهب يطالعنا في ذلك العصر وأقدمه هو مذهب الإمام أبي حنيفة ، فإنّ الإمام أبا حنيفة كان من اوائل الذين تقدّموا لمبايعة أبي
العبّاس السفّاح في جملة من بايعه من الفقهاء ،
حيث أنّ الناس كانوا يتشوّقون لحكم وعدهم بإقامة العدل والسنّة لينقذهم من جور
الأمويين .
لكنّ
أبا حنيفة سرعان ما أدرك انحراف العبّاسيين وشراءهم لضمائر بعض الفقهاء والعلماء ، فابتعد عن السلطة ورفض أن يتولّى القضاء للمنصور العبّاسيّ رغم كلّ
السبل التي اقتفاها لاحتوائه ، فكلّما ازدادوا إلحاحا عليه ازداد ابتعاداً عنهم ورفضا لتولّي القضاء ، حتّى وصل الأمر إلى سجنه وتعذيبه ،
وقيل : إنّه مات مسموما على أيدي العبّاسيين[876] .
وعلى
كلّ حال فإنّه لم يدوّن فقهه للسلطان ولا لغيره ،
اللّهمّ إلّا وريقات باسم «الفقه الأكبر» في العقائد نسبت إليه ، ولم يصحّ ذلك له على وجه القطع واليقين[877] .
[876] أنظر طبقات
الحنفية ،
لأبي الوفاء القرشي 1 : 502 / فصل في وفاة الإمام أبي حنيفة .
[877] أنظر كلام أحمد امين في ضحى الإسلام
2:198 وكتاب أبو حنيفة لابي زهرة: 186 ونسب بعض المؤرخين هذا الكتاب إلى أبي مطيع
= الحكم بن عبدالله البلخي، الفقيه، صاحب أبو حنيفة، أنظر: شذرات الذهب
1:357، العلو للعلي الغفار، للذهبي 1:134 / الخبر 363.