وكفّارة صوم شهر رمضان ، قد دلّ عليها حديث
الأعرابيّ[56] ، ورواية أبي هريرة[57] ؛ وهكذا الأمر بالنسبة إلى غيرهما من الأحكام التخييريّة
أَمَّا فيما نحن فيه ، فلا دلالة قرآنيّة ، ولا نصّ من السنّة النبويّة ،
ولا نقل من صحابيّ بأنّه فعلها على نحو التخيير ؛ وليس بأيدينا ولا رواية واحدة ـ
وإن كانت من ضعاف المرويّات ـ مرويّة عن أَيٍّ من الفريقين تدلّ على التخيير ، بل الموجود هو التأكيد على صدور الفعل الواحد عنه 0 ، فلو كان رسول الله قد فعلهما فلا يعقل
أن يكون راوي الغسل لم ير رسول الله قد مسح رجليه وكذا العكس ، وهذا ما يؤكد عدم لحاظ التخيير في هذا الفعل .
أجل ، قد اختلفوا في نقل فعل رسول الله ،
فذهب بعض إلى أنّه 0 غسل رجليه ، وذهب البعض الآخر إلى أنّه 0 مسحهما ،
واستند كلّ منهما إلى القرآن والسنة على ما ذهب إليه .
وإذا ما تتبَّع الباحث أَقوال علماء الإسلام فسوف يقف على أَنَّ الوضوء
عندهم تعيينيّ لا تخييريّ ؛ فغالب أتباع المذاهب الأربعة يقولون بلزوم الغسل في الأرجل
لا غير ، أمّا الشيعة الإماميّة فإنَّهم لا يقولون إلّاَ بالمسح وحده ، وإنَّ كلاً منهما ينسب قوله ـ مضافا إلى دعوى استظهاره من الكتاب ـ
إلى فعل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، وهو ما جاء في صحاح مرويّاتهم .
[56] موطأ
مالك 1 : 297 كتاب الصيام / باب كفارة من أفطر في رمضان / ح 658 .
[57] موطأ مالك 1 : 296 كتاب
الصيبام / باب كفارة من أفطر في رمضان / ح 657 ، صحيح
البخاري 2 : 684 كتاب الصوم / باب إذا جامع في رمضان / ح 1834 ، صحيح مسلم 2 : 781 ، 782 كتاب الصيام / باب
تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان / ح 1111 .