أمَّا
القائلون بالجمع[58] أو التخيير[59] ، فإنَّهم إنَّما يقولون بذلك لا على أساس أنَّ النبيّ 0 جمع أو خَيَّر ، أو إنَّ الآية تدعو إلى الجمع أو التخيير ،
بل إنّ القائل بالجمع إنَّما يقول به لكونه مطابقا للاحتياط ، وأنَّه طريق النجاة ؛ إذ الثابت عنده أنَّ الكتاب ورد بالمسح ، وأنَّ السنّة وردت بالغسل ، فأوجبوا العمل بهما
معا رعاية للاحتياط ، لا على أساس أنَّ النبيّ 0 جمع بينهما ؛ وأنّ ذلك هو المرويّ عنه 0 -
وكذلك
الحال بالنسبة للقائل بالتخيير ، فإنَّه إنّما ذهب إلى ذلك لتكافؤ الخبر عنده في الفعلين (المسح
والغسل) ، فالمكلَّف لو أتى بأيِّهما كان معذورا ؛ إذ لم يرجّح عنده أحدهما
حتّى يلزمه الأخذ به .
وعليه
فدعوى التخيير مجرد رأي جماعة قليلة من فقهائنا السابقين ،
فلا يمكن به نقض الإجماع المركّب بين المسلمين على أنَّ الوضوء إمَّا مسحيّ أو غسليّ ، بل هناك أدلّة ستقف عليها لاحقا نُرجّح فيها أحد الطرفين وبها يثبت أن
لا معنى للتخيير !
[58]
كالناصر للحق ، من
أئمّة الزيدية ،
وداود بن علي الظاهري ،
وغيرهما .
[59]
كالحسن البصري ،
وأبي علي الجيائي ،
وابن جرير الطبري وغيرهم .