تأسيس بغداد ، مع خمسمائة من جنده وهو يزعم أنّ أهلها من شيعة محمّد بن عبدالله (النفس
الزكيّة) فأمرهم بصبغ ملابسهم باللون الأسود ،
حتى قيل بأنّ دور الصباغة صارت لا تتمكّن من القيام بمهامها ، وأنّ البقّالين كانوا يصبغون ثيابهم بالانقاس (المداد) ويلبسون
السواد[803] .
كما نقل
عنه أيضا أنّه استغلّ ـ في أوائل خلافته ـ النزاع الفكريّ الذي حدث بين أهل العراق
وأهل المدينة ، فأخذ يقوّي العراقيين ويشدّ أزر الإمام أبي حنيفة وأصحابة ويستغلّ
الموالي ليحطّ بذلك أنفة العرب ، وخصوصا المدنيين منهم الذين كانوا يصرّحون بعدم شرعية خلافة بني العبّاس .
التزام الحكّام الفقه المغاير للعلويين
والباحثون
يعلمون انّ تقوية مدرسة أهل الرأي قبال أنصار الأثر كان له بُعد سياسي ، وإنّه إجراء مؤقت وليس بسياسة عامة للحكام ولا دائمة ، وانّ المنصور قد استفاد بالفعل من هذا التقريب كما رأيت في مناظرة
أبي حنيفة مع الصادق ، لكنا نراه فيما بعد يغيّر سياسته مع الفقهاء ،
ويسعى لتقريبهم ، فيطلب من الإمام مالك بن أنس أن يكتب موطأه ويقول له : اجعل العلم يا أبا عبدالله علماً واحداً .
فقال
مالك : إنّ أصحاب رسول الله تفرّقوا في البلاد فأفتى كلّ في مصره بما رأى ، ان لأهل البلد ـ يعني مكّة ـ قولاً ،
ولأهل المدينة قولاً ، ولأهل العراق قولاً تعدوا فيه طورهم .
فقال
المنصور : أمّا أهل العراق فلا أقبل منهم صِرْفا ولا عدلاً ، وأمّا العلم