إنّ
الخلفاء في الفترة الأُولى من العهد العبّاسيّ بالخصوص أخذوا يرسمون الخيوط
العامّة لسياستهم المستقبليّة في إبعاد بني عليّ وفاطمة وعزلهم إلى الأبد عن
الجماهير المسلمة . وسمات ذلك المخطّط كثيرة ، نقدّم بعضها على نحو الإجمال :
1 ـ
التأكيد على أنّ خلافة بني العباس كانت شرعيّة ،
وأنّهم هم آل الرسول المَعْنِيّون في الأحاديث النبويّة الشريفة .
فالعبّاسيون
كسبوا الشرف وأضفوا الشرعيّة على ممارساتهم وتصحيح ادّعاءاتهم الدينيّة من تلك
الأحاديث ، مدعين أنّهم يريدون تطبيق ما أمر به الرسول ،
وإحياء سنته ودينه ، ولهذا تلقبوا بألقاب تحمل هذا المعنى :
الهادي ، المهدي ، الرشيد ، المنصور ، الناصر لدين الله ، المتوكّل على الله ، كي يحصنو بهذه الألقاب أنفسهم ويحجبو الناس من نبزهم[780] .
هذه
القضايا كلّها تدلّ على أنّهم قد استخدموا الله والدين لخدمة أهدافهم السياسية ، حتى نراهم يدّعون بأنّ العمّ يحجِب عن الإرث ؛ لكي يحرموا أبناء فاطمة
الزهراء بنت محمّد رسول الله من كلّ شيء ، ولكي يكون العبّاس بن
عبدالمطلب ـ هو الوارث الشرعيّ ! ثمّ من بعده أبنائه !!
[780] قال ابن خلدون
في مقدمته : 228 ،
فاستحدث لذلك بنو العباس حجابا لاسمائهم الاعلام عن امتهانها في السنة السوقة
وصونا لها عن الابتذال فتلقبوا بالسفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد إلى آخر
الدولة