يستخدمون
من له نفوذ وعلم لأن يفتي لهم بما يريدون ،
وقد مرّ عليك سابقا كلام ابن عبّاس ، وأنّه كان يلعن
معاوية وأتباعه لتركهم سنّة رسول الله بغضا لعليّ بقوله :
«اللّهمَّ العنهم فقد تركوا السنّة من بغض عليّ»[488] .
أو
أنَّه قال : «لعن الله فلانا ، إنَّه كان ينهى عن التلبية في هذا اليوم ـ يعني يوم عرفة ـ لأنَّ
عليّا كان يلبّي فيه»[489] .
وقد
جسّم الشيخ أبو زهرة صورة عن الحكم الأمويّ ،
بقوله :
لابدّ
أن يكون للحكم الأمويّ أثر في اختفاء كثير من آثار عليّ في القضاء والإفتاء ؛
لأنَّه ليس من المعقول أن يلعنوا عليّا فوق المنابر ،
وأن يتركوا العلماء يتحدّثون بعلمه ، وينقلوا فتاواه
وأقواله ، وخصوصا ما يتّصل بأساس الحكم الإسلامي[490] .
وهنا
نعاود سوالنا السابق : كيف بالحكومة تترك الناس يمارسون دورهم ، وهم
من مخالفي عثمان ، في حين يتصدّر الإمام عليّ ـ الذي يلعنونه ـ مدرستهم ؟!
بهذا
فقد عرفنا بأنَّ لكلا الاتجاهين ـ الناس والخليفة ـ أنصارا وأتباعا في الوضوء ، يذودون عمّا يرتؤونه ، وبما أنَّ السلطة قد
تبنّت فقه عثمان ودعت إلى فضائله ونشرت آراءه ،
فمن الطبيعي أن ينساق السواد الأعظم ـ تبعا للدولة ـ إلى وضوء الخليفة عن طيب نيّة
وحسن سريرة ، لأنّه أقرب إلى الاستحسان والرأي ،
[488] سنن النسائي 5 : 253 / باب التلبية
بعرفة / ح 3006 ، سنن البيهقي الكبرى 5 : 113 / باب الوقوف
بعرفة / ح 9230 .
[489] أنظر : مسند
أحمد 1 : 217 / ح 1870 ،
مصنف ابن أبي شيبة 3 : 195 / باب في صوم يوم عرفة في مكة / ح 13384 .
[490] أنظر : تاريخ
المذاهب الإسلامية ،
لأبي زهرة : 285 ـ 286 .