ووصفوا
الإسلام بأحسن صفاته ، وتحلوا بأحسن السنة ، حتّى إذا طال عليهم الأمد ، وبعدت عليهم الشقة ، وامتحنوا بمحن الصادقين : رجعوا على أعقابهم
ناكصين عن سبيل الهدى ، وعلم النجاة إلى أن قال :
وذهب
آخرون إلى التقصير في أمرنا ، واحتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوه بآرائهم ، واتّهموا مأثور الخبر ممّا استحسنوا، يقتحمون في أغمار الشبهات، ودياجير الظلمات ، بغير قبس نور
من الكتاب، ولا أثرة علم من مظانّ العلم، بتخدير مثبطين زعموا أنَّهم على الرشد من غيّهم .
وإلى
مَن يفزعُ خَلَفُ هذه الأُمّة ؟!
وقد
درست أعلام الملّة ، ودانت الأمة بالفُرقة والاختلاف ،
يكفّر بعضهم بعضا والله تعالى يقول : وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ
وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءهُمُ الْبَيِّنَاتُ[483] .
فمن
الموثوق به على إبلاغ الحجّة ؟ وتأويل الحكمة ؟ إلّا أهل الكتاب ، وأبناء أئمّة الهدى ، ومصابيح الدجى ، الذين احتجّ الله بهم على عباده ،
ولم يَدَع الخلق سدى من غير حجّة .
هل
تعرفونهم ؟
أو
تجدونهم إلّا من فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الّذين
أذهب الله عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيرا ، وبرّأهم من الآفات ، وافترض مودّتهم في الكتاب»[484] ؟!