قالوا بذلك ليساووا المجاهد بالقاعد ، والطليق بالمهاجر ، والمحاصِر بالمحاصَر ، والمشرك بالمؤمن وليجعلوا قول ابن أبي سرح والوليد
ومروان يضاهي كلام عليّ وفاطمة وغيرهما ممّن يمكن الاطمئنان إليهم والأخذ بقولهم ، وقد تنبّه الإمــام عليّ لمخطّطــهم ، فجاء في رسالته إلى معاوية :
« ولكن ليس أُميّة كهاشم ، ولا حرب كعبدالمطّلب ، ولا أبو سفيان كأبي
طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق ، ولا المحقّ كالمبطل ، ولا المؤمن كالمدغل »[470] .
وفي قوله لمعاوية :
«فسبحان الله ! ما أشدّ لزومك للأهواء
المبتدعة والحيرة المتّبعة مع تضييع الحقائق وأطّراح الوثائق التي هي للّه طلبة
وعلى عباده حجّة »[471] إلى آخره .
وقد قال
الجاحظ وهو في معرض إشارته للّذين يعتقدون برأي الأمويين : وقد
أربت عليهم نابتة عصرنا ومبتدعة دهرنا فقالت :
لا تسبّوه [أي معاوية] فإنَّ له صُحبة ، وسبُّ معاوية بدعة[472] ، ومن يبغضه فقد خالف السنّة ، فزعمت أنَّ من السنّة
ترك البراءة ممّن جحد السُنَّة .
لا نريد
التفصيل في مثل هكذا بحوث مكتفين بالإشارة إلى أنّ هذه الفكرة
[470] نهج البلاغة 3 : 16 ـ 17 / من كتاب له 1 إلى
معاوية / الرقم 17 .
[471] نهج البلاغة 3 : 62 / من كتاب له 1 إلى
معاوية / الرقم 37 .
[472] أما سبُّ علي بن
أبي طالب فلا ! ينظر كلام الجاحظ في رسالته المطبوعة في آخر النزاع والتخاصم
للمقريزيّ : 94 .