وعن
عبدالرحمن بن يزيد : إنَّ عبدالله بن مسعود لبَّى حين أفاض من جمع ؛ فقيل له : عن أي هذا ؟
وفي لفظ
مسلم : فقيل : أعرابي هذا ؟!
فقال : أنسي الناس أم ضلّوا ؟ سمعت الذي نزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان : «لبيك اللّهمَّ لبيك»[450] .
وفي
النصّين الأخيرين دلالة على أنَّ الخليفة عثمان كان لا يرتضي التلبية ، وأنَّه كان قد طبَّع الناس على تركها ،
حتى كانوا يعدّونها ليست من الدين ، وأنَّ معاوية قد سار
على نهج عثمان كما ظهر ذلك من النصّ الأوّل .
وما
كانت هذه الأمثلة إلّا نمودجا بسيطا لكثير من النصوص المبثوثة في الكتب والدالة
على التزام معاوية بنهج الخليفة وسعيه لتطبيق فقه عثمان ورأيه .
وبعد
هذا نتساءل :
أيعقل أن يتخطّى معاوية وضوء الخليفة ، مع ما عرف عنه من تبنيه لآراءه الفقهيّة؟!
وماذا
يجدي نقل كلّ تلك الفضائل لعثمان ، ألم تكن هي مقدمة للأخذ بفقهه والسير على نهجه ؟
وكيف
يترك معاوية فقه عثمان ، وهو الخليفة الأمويّ المظلوم ـ في نظره ـ !! ويسمح بانتشار فقه الناس المخالفين له ولعثمان .
وستقف
لاحقا على توسيع معاوية لفكرة عثمان الوضوئية ،
وان معاوية تجاوز غسل الأرجل إلى غسل الرأس أيضا ،
فصار يأخذ ماءا جديدا لرأسه حتى
[450] صحيح مسلم 2 :
932 / باب إستحباب إدامة الحاج التلبية / ح 1283 ، والمحلى 7 : 136 .