قال: دخل عَلَيَّ عَلِيٌّ ـ يعني ابن أبي طالب ـ وقـد أهراق الماء، فدعا بوضوء فأتيناه بتور فيه ماء، حتّى وضعناه بين يديه ؛ فقال: يا ابن عبّاس ! ألا أريك كيف كان يتوضّأ رسـول الله0؟ قلت: بلى، فأضفى الإناء على يده فغسلها ـ الخبر ـ[344]، فأتى بوضوء عثمان عن النبي0 !
والآن ، نتساءل : هل يصحّ هذا الخبر مع ما عرفنا من موقف عليّ بكونه الرائد والمعيد
لمدرسة الوضوء الثنائيّ المسحيّ كيانها ؟
وهل كان
ابن عبّاس ـ حقّا ـ بحاجـة إلى معرفة الوضـوء
وهو حبر الأمّة ؟!
بل ، كيف نوفّق بين هذا الخبر مع ما نُقِلَ عن ابن عبّاس في اعتراضه على الرُّبَيِّع
بنت معوّذ ، بقوله : أبى الناس إلّا الغسل، ولا أجد في كتاب الله إلّا المسح ؛ وقوله: الوضوء غسلتان ومسحتان ؛ و[345] ؟!
[344] سنن أبي داود 1
: 29 / باب صفة وضوء النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم / ح 117 ، مسند البزار 2 : 111 / ح 464 ، سنن البيهقي الكبرى 1 : 53 / باب
التكرار في غسل الوجه / ح 248 عن أبي داود .
[345] سنبحث دور الحكومتين الأموية والعبّاسيّة في اشاعة التحريف في النصوص
الحديثية للوضوء.
[346] قال ابن حجر في فتح الباري 1 : 266 ، وكذا الشوكاني في نيل
الأوطار 1 : 208 ـ 209 ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك [أي الغسل] إلّا عن
علي وابن عباس وأنس .
[347] قال ابن حزم في المحلى 2 : 56 م 200 :
وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف منهم : علي بن أبي طالب وابن
عباس .
[348] قال ابن قدامة
في المغني 1 : 90 م 175 : ولم يعلم من فقهاء المسلمين من يقول بالمسح غير من
ذكرنا ـ وكان علي بن أبي طالب وابن عباس ممن ذكرهم ـ .
[349] عمدة القارئ 2 : 139 وأنظر تفسير
الطبري 6 : 113 ـ 135 وأحكام القرآن للجصاص 3 : 332 ـ 352 وتفسير ابن كثير 2 : 27
وكنز العمال 9 : 208 وفيه ان مذهب الإمام علي هو المسح لا الغسل .